قليلاً ما يعبر الناس عن مخاوفهم بشكل مباشر حتى مع صديق أمين.. لأنهم إما لا يعرفونها بالتحديد وإنما يشعرون بالارتباك والتردد والتراجع أمام موقف معقد.. وبالتالي يترك فيهم ندبة بشعة لا يراها غيرهم لكنها تهزهم وتزلزلهم في أهم مناطقهم الخفية.. أو أنهم يخشون كشف نقاط ضعفهم.. ولا شك أن السبب الثاني حكيم إلى حد ما.. لكن جهل مواطن الخوف التي تبقى عائقاً وثقل يثني الإنسان عن حلمه أو حياته بالشكل الذي يريده.. هنا تكمن مشكلة خطيرة.. كأنما يحمل بداخله رصاصة.. قد تتحرك في أي لحظة لتقتل ثقته بنفسه وتحبسه في منطقة مظلمة لا باب لها ولا شباك.
وفي محادثة مع شخصية تلقائية مسالمة قالت: «أتجنب المواجهات كثيراً.. أخاف ألا يكون ردي كافياً أو مناسباً لحفظ حقي أو كرامتي».. بالطبع يمكننا توقع بقية معاناتها التي لن تخرج عن كبت مشاعر الغضب.. والتعبير عن الألم.. وضياع الحقوق.. ووو إلخ
لا شك أن كل منا يريد أن يكون حاضر البديهة للرد السريع.. الذي يصيب الهدف مباشرة.. كما نرى في سيناريو لشخصية ساخرة أو قوية الحجة في فيلم شيق.. لكن تلك الجمل صيغة من حكاية في عقل حدد المواقف مسبقاً.. كتب ومسح حتى تكونت الحبكة التي لا يسمح لها أن تخرج عن النص.. لذا من الصعب أن تكون جاهزاً عند المفاجأة خصوصاً إن كانت العاطفة سيدة الموقف.. فلا تحمل نفسك وزر الضعف لأنك لم تكن ضعيفاً.. المهاجم عادة يكون جاهزاً لبيات النية قبل الفعل.. على عكس الغافل فهو أشبه بالفريسة.
حاول فقط أن تحلل الهدف سريعاً عند الهجوم اللفظي.. بطرح سؤال «خطافي» لإجبار المهاجم على الشرح لتأخذ وقتك وتستعد.. وتسيطر على قلبك الذي بدأ يفقد صواب إيقاعه.. وتضبط أنفاسك.. وعندما تستبين الهدف ستعرف أن غريمك قد يكون خائفاً منك أساساً.. والمباغتة غطاء ليس أكثر.. بمعنى «خذوهم بالصوت».
وتذكر دائماً وأبداً أنك لست مديناً لأحد.. وتملك حرية القرار.. واحذر من الغضب عندما تُجرح.. فإنه جنون يفتك بحواسك ويعمي عقلك.. ولن ترى حينها إلا فوضى لا يمكن أن تقرأ منها إلا رسائل مغلوطة.. جرب أن تكون هادئاً فقط.. لتمسك بالموقف من كل اتجاه.. فالمواجهة ليست مصيرية يمكن أن تنهي حياتك.. إنما خضات عاطفية أو مهنية أو فكرية سرعان ما تثور وهبوطها سريع.. وتترك على السطح جروح حاول ألا تكون غائرة أكثر من اللازم.. ليكون العلاج ممكناً عندما تتراجع المشاعر وتتوب.
المهم.. لست ضعيفاً.. إنما الضعف أن ترم كل ما في يدك بسبب لحظات عبثية لا تستحق أن تكون حداً فاصلاً.. ولا تدمر كل الروابط إن كان بقائها لا يضر أحداً على ابسط تقدير.. فما بالك إن كان تمزيقها قد يكلفك غالياً.
قل ما عندك.. وعبر عن ألمك.. ودافع عن نفسك.. بهدوء وثقة.