في زاويته الجميلة جمال روحه وإطلالته وعذوبة شعره: (امتداد), كتب الزميل الشاعر الناقد الأستاذ أحمد الناصر الأحمد تحت عنوان (صح كيبوردك) مقالة يرى فيها أن عبارة (صح لسانك) التي تقال في الرد على الشاعر بعد سماع - أو قراءة - شعره, لم تعد تعبر عن الواقع لأننا اليوم «نقرأ الشعر أكثر مما نسمعه ونكتبه في (الكيبورد) غالبًا وفي القلم أحيانًا أكثر مما نلقيه», ويرى أن عبارات (صح قلبك - صح فكرك - صح إحساسك), أكثر نداءة وأجمل تعبيرًا من صح لسانك، لأنها تتفوق على عبارة (صح لسانك) فهي تواكب الشعر المكتوب والمسموع أكثر منها. ثم ختم بهذا السؤال: «فهل تحل مكانها؟.. أتمنى ذلك ولا أتوقعه!».
وأبوعادل كاتب مثقف يتناول بعض القضايا المتعلقة بالشعر فيناقشها بإيجاز يناسب مساحة الزاوية ثم يطرح رأيه فيها بلغة أديب وحجة خطيب, وإبداع ناثر بقريحة شاعر, ورأيه هنا يعبر عن روح تجديد تميل إلى تسمية الأشياء بأسمائها.
ولست أوافقه في رأيه هنا, فالبدائل التي طرحها وغيرها أظنها كلها مختزلة في (صح لسانك) فحتى الشاعر القديم الذي ينشد شعره كان يعبر عن (قلبه وفكره وإحساسه وخياله أيضا) ومع ذلك يثنى عليه بعبارة (صح لسانك) مع أن (لسانه) مجرد ناقل, تماما كما تنقل الورقة أو الشاشة من خلال القلم أو لوحة المفاتيح, فـ(صح لسانك) موجز لكل تلك التفاصيل.
واللسان رمز, واختير دون سواه لأنه المترجم الذي ينقل الشعر بفكره وإحساسه وخياله من داخل الشاعر (شخصيته: قلبه وعقله) إلى الخارج (المتلقي), فهو حلقة الوصل التي توصل إنتاج قريحة الشاعر إلى المتلقي, والإنسان يتعامل بغريزته مع (الحسي) أكثر من (المعنوي).
و(صح لسانك) دعاء من المتلقي للشاعر بأن يظل دائما صحيحا معافى في فكره وتوجهاته وميوله وعواطفه وفي بدنه أيضاً, واختيار اللسان تم على سبيل (المجاز المرسل) وعلاقته الجزئية, فهو (جزء) من (كل) وهذا الكل هو شخصية الشاعر بجناحيها الفكري والعاطفي, ولو كان المراد (اللسان) الجارحة على الحقيقة لكان الدعاء ساذجا لا معنى له ولا علاقة له بما أثر في المتلقي من الشعر, فالقريحة لا تتأثر باعتلال اللسان وصحته, ولذلك لا أظن أن كلمة (صح) في العبارة بمعنى (أصاب) كما يرى البعض, ومما يرجح هذا الظن أن بعضهم يزيد فيها فيقول (صح الله لسانك) تأكيدا على أن (صح) من (الصحة) رديف العافية لا نقيض الخطأ.
ستبقى عبارة (صح لسانك) كما توقع أبوناصر هي العبارة المختارة للتعبير عن الإعجاب وإن زاحمتها العبارات الأخرى ولكن ليس لأننا اعتدنا عليها ويصعب علينا التخلص منها كما يرى بل لأنها (مسكوكة لغوية) عامية تمثل (علامة أدبية عريقة) تغلغلت في أعماق هواة الشعر النبطي حتى خالطت منهم اللحم والدم والعصب والمسامع والأطراف، ثم أفضت إلى الأصماخ والأمخاخ!