مع تعيين رئيس جديد للرئاسة العامة لرعاية الشباب تأتي المقترحات المختلفة الهادفة إلى مساعدته في بلورة رؤية وخطة عمل متطورة لهذا الجهاز الحساس والحيوي في المنظومة الاجتماعية والتنموية الوطنية. ونعتقد أن سمو الأمير عبدالله بن مساعد الرئيس العام لرعاية الشباب سيكون منفتحاً بالاطلاع على مختلف الأراء ودراستها بشكل إيجابي. ومنها ما يتعلق بهيكلة الرئاسة حيث هناك رأي يقترح تحويلها إلى وزارة سواء بإبقائها وزارة الشباب أو جعلها وزارة الرياضة أو وزارة الرياضة والشباب.
سأطرح هنا رأياً مختلفاً عن ذلك وتحديداً أقترح تحويل الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى هيئة/ مؤسسة وليس وزارة وذلك للمبررات أو الحيثيات التالية:-
* حسب نظام الهيئات الذي أستحدث فإن الهيئة تحظى بنظام إداري مستقل إلى حد ما عن نظام الخدمة المدنية من ناحية المرونة المالية والوظيفية. بل إن البعض يرى تأسيس الهيئات كان مخرجاً لتقليص جمود نظام الخدمة المدنية الذي تتبعه الوزارات. على سبيل المثال هيئة الغذاء والدواء، هيئة السياحة، مؤسسة التدريب التقني والتعليم الفني، وغيرها من الهيئات أو مافي حكمها.
* امتازت كثير من الهيئات بوجود مجالس إدارة عليا. تلك المجالس تسهم في وضع ومراجعة الإستراتيجية العامة للهيئة وبحكم تكوينها من الجهات ذات العلاقة تساعدها في تأسيس استراتيجية وطنية يشارك فيها القطاعات ذات العلاقة. العناية بالشباب ليس مسؤولية مؤسسة واحدة، وإنما هو موضوع يجب أن يشارك في رسم استراتيجية جهات أخرى كوزارات التعليم والشؤون الاجتماعية والتخطيط والعمل والداخلية، وغيرها من الجهات ذات العلاقة.
* كما أشرت بأن موضوع الشباب ليس مهمة جهة واحدة، وفكرة تولي رعاية الشباب كافة الأدوار التنفيذية ذات العلاقة بالشباب تعتبر مستحيلة، فهناك الثقافي والتعليمي والأمني والإعلامي وغيرها تتداخل في رعاية الشباب. لذلك سيكون وجود الهيئة منطلقاً لتقليص أدوار رعاية الشباب التنفيذية وتعزيز أدوارها الإستراتيجية والتنسيقية. بعد أن تصبح كامل المنافسات الرياضية مسؤولية الاتحادات الأهلية وتتولى البلديات مسؤولية تأسيس وصيانة الملاعب والمنشآت المجتمعية ذات العلاقة. أقرب مثال لذلك ما تقوم به هيئة السياحة والآثار، فهي تصنع الإستراتيجية وتنسق وتحفز العمل السياحي بالدرجة الأولى، لكنها لا تبني الفنادق ولا تنظم رحلات السياحة والمؤتمرات بمفهومها التجاري.
من هنا اقترح تحويل رعاية الشباب إلى هيئة مستقلة للشباب لها مجلس إدارة أعلى برئاسة سمو ولي العهد أو ولي ولي العهد وبعضوية رئيس أو أمين هيئة الشباب ووزراء التعليم و الداخلية والعمل والشؤون الاجتماعية والإعلام والثقافة و آخرين ممن لهم علاقة بالقطاع الشبابي الحكومي والأهلي.
أرجح فكرة الهيئة على فكرة الوزارة لأن التحول إلى وزارة لن يضيف أكثر من إيجاد مقعد للرئيس في مجلس الوزراء. لن يتغير النظام الإدراي وسيبقى الرئيس أو الوزير مكبلاً بالأنظمة الإدارية الحكومية التي لا تتيح له المرونة في استقطاب الكفاءات وتطويرها بالشكل الكاف. بل إنه سيعزز تقليدية رعاية الشباب كجهاز بيروقراطي منعزل عن العمل بشكل مباشر مع الأجهزة الأخرى ذات العلاقة والمشار إلى بعضها أعلاه. فكرة الوزراة أصبحت تقليدية ليست بالضرورة تسهم في تحقيق التطور المنشود، ولنا في بعض الوزارات المستحدثة والهيئات الأمثلة الواضحة، حيث ساهمت المرونة الممنوحة لبعض الهيئات في تطور أدائها بشكل يفوق ما تقدمه بعض الوزارات.
لذلك أؤكد على فكرة تطوير جهاز الرئاسة العامة لرعاية الشباب ليكون على غرار الهيئات المستقلة - إلى حد ما- وليتيح للرئيس الجديد تكوين كيان إداري جديد، ذو مرونة وديناميكية أفضل مماهو موجود حالياً.