تعددت الأسباب، والموت واحد، لتعلن ساعة رحيل قائد حرس الحدود في المملكة - الفريق ركن - زميم بن جويبر السواط، من سطح دنيانا إلى باطن أرضها، ولتصعد روحه الطاهرة إلى بارئها بسلام، وليرحل عن دنيانا بصمت، وبلا كلمة وداع، كما كان ذلك نهجه، وتعامله، بعد أن ترك إرثاً مستداماً، تسير في دروب الإنجازات، وتقدم نموذجاً لرجل نبيل، أدّى ما عليه، وعاش كما أحب.
كان موته غير متوقع، عندما حدث خلال فترة قصيرة، لا تتجاوز الدقائق من الزمن، لعلها رحمة له، وراحة من شدة الألم، وطول المرض، تاركاً أحلامه، وطموحاته دون أن يودعنا، فهو من قاد مسيرة حياته بذكاء، وأناة، وخبرة، وجَلد، متجنّباً الأضواء ما وسعه ذلك، فكان في قمة شامخة تستطيع أن تراها، لكنك لا تقدر أن ترقاها، كونه خرج إلى سعة المسؤولية، لتسمو فوق كل منعرجات الحياة.
سنشعر بفقدانك العزيز حين وضعوك في قبرك، وتولى عنك الأهل، والأحباب، والأموال، والمناصب، ليبقى معك عملك الصالح الذي قدمته، دون أن تنشغل بدوامة الحياة، لأن الآخرة عظمت عندك.. وسنتذاكر سيرتك العطرة، وفقدك الجلل، تذكرة للأحياء، لا مدحاً في الأموات، فقد حدّثني الناطق الإعلامي في حرس الحدود - اللواء بحري - محمد الغامدي، بأن الفقيد كان يوجهه بإرسال مصاحف إلى أذربيجان، وتركيا على نفقته الخاصة.. وكذلك كتب - الأستاذ - إبراهيم النغيمشي، والذي يعمل في الملحقية الدينية في السفارة السعودية في إندونيسيا، بأن الفقيد كان على تواصل مع المكتب منذ سنوات عديدة، لإرسال التمور، وتوزيعها في إندونيسيا، كان آخرها في هذا العام، عندما أرسل عشرة كاونترات، بسعة مئتي طن على نفقته الخاصة.
لئن غبت عنا بجسدك، فإن ذكراك باقية في قلوب محبيك، وفي وجدان مريديك.. وسيتداخل مقام الرثاء مع مشاعر الحزن في تجربة إنسانية، ذات بصيرة واعية، ومدركة لكل ما أراده، ولنذكر وجهك الباسم، عسى أن يكون هناك لقاء، لكننا اخترنا أن نراك على آلة حدباء.
إليك أكتب، لأن محبيك سيشيعونك على رحيلك بين صورك، بعد أن كنت تعيش بينهم حباً، وإجلالاً، ووفاءً، وسيحملون جرحهم إلى أفق وراء الغيب، أن يتقبلك الله قبولاً طيباً، حسناً، وأن يغمرك برضوانه، ويسكنك فسيح جناته، ويجزيك خير الجزاء على ما قدمته لوطنك من تضحية، وبذل، وإخلاص.