بعض من كنا نظنها عصافير ساكنة في أعشاشها
نما ريشها وطارت
كبرت أحلامها
لم تعد السموات بكل اتساعها
تشبع نهمها
أرادت أن تكون نسورا فصارت غربانا
تأكل الجيف
وتدخل المكان النظيف فتحدث فيه الأذى
وتنذر أهله بالشؤم
«غلط الذين رأيتُهم بجهالةٍ
يلحَوْنَ كلُّهُمُ غراباً ينعِقُ
إن الغراب بيُمْنه يُدنيا لنّوى
وتُشتت الشملَ الجميعَ الأنْيُقُ «
الغربان كبرت وزاد ريشها وكثرت فرائسها
فلم تعد تشبع
ولم يعد يكفيها ما تأكل
فتصاعدت روائحها
من المخابئ
وعلا نعيقها
وصارت تصطفق بأجنحتها
تدور في مكانها
حتى تساقط أكثرها
بقي منها زمرة
تنذر بمزيد من الشؤم
إن لم نعاجلها
إن لم نخرجها من المكان النظيف
قبل أن يتسخ
وتتصعد الروائح الكريهة
وتموت الوردات
السبع المزروعة على جانبيه
فغراب كبير
صار يسرح في المكان
يغلق النوافذ
يحجز الشمس
ويحجب الضوء
ويقتل الأحلام
مخنوقة بروائح التحايل
والغش والتدليس
وإيقاف ماء النهر النظيف
وإفساد صفوه ونقائه
تحويله إلى مستنقع
ملئ بالطحالب والكدرة
فأين أنت ياطوفان
جلجامش
تقتل الغربان
وتعيد الزهر لناصية المكان!