ظهر في الآونة الأخيرة اهتمام كبير من هيئة السياحة والآثار في الحفاظ على التراث المعماري للمملكة العربية السعودية، وهو تراث مميز، يتنوع ويختلف حسب البيئات التي يوجد فيها؛ فهو في شرق المملكة غيره في وسطها, وفي شمالها غيره في جنوبها، وفي بيئة الصحراء غيرها في بيئة الجبال، وفي السواحل غيرها في المرتفعات.. وهذا شيء محمود؛ لأنه يقدم صورة لجانب من الماضي في المناطق التي تكونت منها المملكة، ويبرز الثراء المعماري التي كانت عليه.
وما أعرفه عن المواقع الأثرية التي اهتمت بها هيئة السياحة مؤخراً جدة القديمة التي أولتها عناية كبيرة؛ ما أدى إلى تسجيلها كتراث عالمي في اليونيسكو؛ وبذلك فإن جدة القديمة ضمنت الحفاظ على ما بها من مبانٍ قديمة، كان بعضها يهدم عمداً، أو تفتعل فيه الحرائق. كما أنه بتسجيلها في اليونيسكو تحولت إلى مَعْلم عالمي، قد يشد أنظار السياح من كل مكان.
غير أن جدة القديمة - دون شك - تحتاج إلى عمل كبير ومتواصل؛ حتى تصبح مركز استقطاب للسياح ولزوار جدة. وهي - مع الأسف الشديد - من القليل الذي تبقى من المعمار في منطقة الحجاز؛ إذ أُزيل بأكمله في مكة المكرمة بسبب توسعة الحرم المكي الشريف، وفي المدينة المنورة حصل الأمر نفسه بسبب توسعة المسجد النبوي الشريف.
ومن هنا، فإن جدة القديمة تصبح مثلاً لتاريخ العمارة في الحجاز، يضاف إليها إلى ما نشر قبل فترة وجيزة عن المنطقة القديمة في ينبع، وهي نمط معماري قريب من جدة، لكنه يختلف عنه بعض الشيء.
ومن مناطق الحجاز التي تميزت بالمعمار الفاخر المتعدد الطوابق المزينة بالرواشين والزخارف إلى تلك المناطق القروية التي استخدمت فيها المواد الطبيعية المحلية، كما في قرية «ذي عين» في الباحة، التي تعد أيضاً من المعالم السياحية التي حظيت في الآونة الأخيرة باهتمام هيئة السياحة والآثار، إلى وسط الجزيرة حيث بلدة أشيقر التي كان للأهالي الدور الأكبر في الحفاظ عليها؛ فهي تمثل النمط المعماري السائد في وسط الجزيرة وفي منطقة نجد، وهي أيضاً تحظى باهتمام هيئة السياحة والآثار.
إنَّ هذا التوجُّه للمحافظة على المعمار المحلي المتنوع سيكون له أكبر الأثر مستقبلاً في جذب السياح، وفي إتاحة المجال للباحثين لدراسة فنون العمارة في المملكة العربية السعودية.