رافقت تقديم الباجي قائد السبسي ترشحه رسمياً إلى الانتخابات الرئاسية يوم أول أمس ضجة إعلامية غير مسبوقة باعتبار ما راج مؤخراً من أخبار مؤكدة حول تصدع الحركة جراء صراعات داخلية بين الأقطاب والقواعد الجهوية المنتمية إلى النداء... فيما مرت عملية تقديم ترشح سياسيين اثنين بصمت لولا بعض الأصوات المتعالية المطالبة بعدم التصويت لرجال الأعمال الذين تحولوا بعد الثورة إلى أسماء «ثقيلة» في بورصة السياسة.
وفي الإطار نفسه، أثار ترشح المنذر الزنايدي آخر وزير صحة في عهد ابن علي إلى الرئاسية زوبعة كبرى في الأوساط السياسية ولدى النخبة المثقفة وحتى لدى الرأي العام إجمالاً، باعتبار ارتباط الرجل بحقبة زمنية تسعى البلاد إلى طي صفحتها نهائياً، عبر تنظيم الاستحقاقات الانتخابية في موعدها وانتخاب حكومة ورئيس دولة وبرلمان جدد يقودون تونس إلى بر الأمان في إطار من الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والعدالة التنموية.
وشكلت عودة الزنايدي من الخارج حيث تحصن منذ نجاح الثورة خوفاً من انتقام البعض منه، موعداً لدى الدساترة والتجمعيين للاحتفال «برجوع احد رموز العهد السابق» الذي برأه القضاء من كل التهم المنسوبة إليه، خصوصاً أن «أنصاره والقائمين بشؤونه السياسية جمعوا له أكثر من 30 ألف تزكية تخول له الترشح رسمياً للرئاسية، بالرغم من أنه الرجل الذي تقلد العديد من المناصب الوزارية في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي.
ولا يستبعد المراقبون، أن يتضاعف عدد التزكيات المذكورة خلال الأيام القليلة القادمة خاصة بعد أن تشكلت بمختلف معتمديات البلاد لجان مساندة للزنايدي بمبادرة من مواطنين عاديين لا ينتمون إلى أي حزب، ذلك فضلاً عن الدعم الذي يحظى به من قبل عديد النخب والأطياف الحزبية والمدنية. ويرجح أن يعلن الزنايدي في نهاية هذا الأسبوع بصفة رسمية من باريس عن ترشحه للرئاسية كمستقل ليعود بعد ذلك مباشرة إلى أرض الوطن.
أمنياً، يظل الهاجس الإرهابي غصة في حلق التونسيين من مسؤولين أمنيين وعسكريين إلى رجل الشارع والسياسي والناشط المدني، أمام تتالي التحذيرات الجزائرية للسلط التونسية على خلفية رصد مصالحها المخابراتية لتحرك عنصر إرهابي خطير مفتش عنه في الجزائر وهو من أشد الانتحاريين شراسة ودموية.. وقالت ذات المصالح في رسالة تحذيرية نقلت فحواها مصادر إعلامية مطلعة، أن عناصر إرهابية تولت إيقافها منذ ثلاثة أيام كشفت عن اعتزام هذا العنصر الإجرامي الجزائري الجنسية تنفيذ مخطط تفجيري يستهدف مقرات أمنية بتونس، وذلك وفق تعليمات صدرت له من قيادات التنظيم الإرهابي.
وكان عدد من الموقوفين أخيراً من المنتمين لتنظيم أنصار الشريعة المحظور اعترفوا بوجود مخططات جاهزة للتنفيذ تستهدف منشآت عمومية حساسة على رأسها مقرات أمنية واقعة على الحدود التونسية الجزائرية مما دفع بالسلط في البلدين إلى تكثيف المراقبة على الحدود حيث نجحت قوات الدرك الجزائرية في إيقاف إرهابيين اثنين فيما فر ثلاثة آخرون يرجح أن يكونوا وصلوا وتوغلوا في التراب التونسي. وفي السياق نفسه، وفي غياب عدد كبير من النواب، يواصل المجلس التأسيسي جلساته المخصصة للنظر في مشروع مكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال حيث تمت المصادقة على عشرات الفصول على أمل التحاق المتغيبين ببقية النواب لاستكمال مناقشة الفصول المتبقية من المشروع.
وكان مصطفى بن جعفر رئيس المجلس أبدى ارتياحه وموافقته على قرار هيئة الاتصال السمعي البصري بعدم بث الجلسات العامة للمجلس مباشرة على القنوات التلفزية التونسية للقطع مع محاولات بعض النواب استغلال البث لشن حملات انتخابية سابقة لأوانها على الهواء. في موضوع آخر، تزداد العلاقة بين حكومة المهدي جمعة واتحاد الشغل سوءاً بعد قرار إضراب عام اليوم وغداً بكامل مستشفيات الجمهورية، وذلك احتجاجاً على تردي الأوضاع وتدني الخدمة الصحية والعنف الذي انتشر فيها، وقال الكاتب العام للجامعة عثمان الجلولي إنه سيتم اتخاذ أشكال تصعيدية بعد الإضراب العام إذا لم تتم الاستجابة لمطالبهم المتمثلة أساساً في تحسين الخدمة الصحية للمواطن وتقديم خدمة لائقة له، إلى جانب عدد من المطالب المادية للأعوان على غرار المنح.
ويأتي هذا الإضراب بعد أن تمت تسوية الملفات النقابية العالقة بين اتحاد الشغل ووزارة التربية والتي كانت ستؤدي إلى تأجيل موعد العودة المدرسية المحدد ليوم الاثنين المقبل.