يقول اللاعب الفرنسي ذو الأصل الجزائري (زين الدين زيدان)، «عندما أسجل الأهداف، يقال إنني فرنسي، وإنني مثال يحتذى، ولكن عندما أخسر في مباراة يتذكر الجميع أن أصولي جزائرية». بين الإنسان ووطنه علاقة رحم مقدسة لا تعرف الانفصام، الوطن كالأم تعيش داخلك ولو لم ترها ولم تعش دفئها واقعا!
لطالما كانت قيم المواطنة أمرًا جامعًا بين فئات الناس وتياراتهم الموجودة في الوطن الواحد وعلى التراب نفسه، وهذا ما نشهده في بلدان عدة، وفي الوقت نفسه لطالما حدثت صراعات ونشبت حروب نتيجة الفهم الخاطئ للمواطنة، والتشكيك بالولاء للأوطان، وتشتت الانتماءات بين الأعراق والتيارات المختلفة.
من حق الوطن علينا الحب والوفاء وصدق الولاء، والالتزام بعمق الانتماء، وإذا اقتضى الأمر التضحية والفداء، من حق الوطن علينا أن نكون أمناء على ترابه وكيانه فلا نفرط بسيادته وكينونته، من حق الوطن أن نحمل أمانته ونحفظ كرامته ولا نسيء إلى صورته ولا نشوه سمعته، ولا أدري والحزن يعصر قلبي كيف يعق بعض الناس أوطانهم، فهل يتسق عبث الإنسان بوطنه بتحريض من أعدائه وقيم المواطنة وثوابتها؟ ألا يعد الاختلاس والرشوة والواسطة إساءة إلى الوطن ومساسًا بنبل المواطنة؟ كيف هان على المواطن إلقاء القمامة وسط الشارع؟ كيف يدمر ممتلكات الطريق ويحطم أعمدتها؟ وما الفرق بين المواطن والعدو؟ كيف يسمح المواطن لنفسه أن يكون حاقدًا يدس السم بالعسل، لماذا يسوّد المواطن جدران شوارع بلده بكتابات مسمومة تفرق ولا تجمع، أليس هذا عقوقا وخيانة لا تجوز شرعًا ولا قانونًا ولا نبلًا؟ متى نفيق ونستفيق؟ ولماذا يشوه المواطن سمعة بلده ويعرقل نمو اقتصاده بتأخيره في مواعيد العمل، أهذه حقوق المواطنة؟ ألا يمكن إيجاد وسائل أفضل وأرقى للتعبير إن كان لنا مطلب وغاية، وطريقة تكسبنا الود والتعاطف، ونحترم فيها شعوبنا وأوطاننا؟
الانتماء للوطن يعني أن تحافظ على وحدته، وأن يكون هذا الهدف دافعاً لك لمزيد من العطاء وأن تضطلع بمسؤوليتك الوطنية من دون أن يطلب منك أحد ذلك, ولكن المأساة تكمن، عندما يتحول الوطن والعلاقة به إما علاقة حب فقط دون تطبيق لما يتطلبه هذا الحب, أو عندما تكون العلاقة استثماراً لصالح الفرد وإعلاء لمصالحه الذاتية وتغييب الصالح العام, وكلا النمطين سيئ ولا يدخل في سياق الانتماء وحب الوطن.
أن علينا أن ننظر إلى مصلحة الوطن, ونسخر كل طاقاتنا لخدمته وأن نوظف كل قدراتنا لنبدع ونسجل إنجازات تضاف إلى الإنجازات الأخرى التي سبقنا إليها إخواننا وأخواتنا ممن ترجموا حبهم لوطنهم بالعمل والعطاء.