الرمادي معركة البياض والسواد في داخلنا.. نزاع الأفكار التي تبحث عن هوية محددة لماهيتها.. خير أم شر.. حلال أم حرام.. حقيقة أم زيف.. واقع أم خيال.. صدق أم كذب.. ضحية أم مجرم.. تقدّم أم تأخّر.. إلخ
أن يكون الاختلاط مفهوم فضفاض.. حتى يضيع الوضع الطبيعي بين وجهة النظر البشرية وواقعية الخلق التي جعلت من البشر صنفين.. كيف يحرم في مكان عام وفي أرقى مهنة إنسانية كالطب مثلاً.. في حين يتحول لأمر مقبول ومنطقي في أعظم تظاهرة دينية ويكون ركناً من أركانها كالحج!
أن تكون تجارة القطط والكلاب محرّمة.. في حين تكون تجارة الرقيق من البشر أمراً مباحاً! فأيهما أكرم الإنسان أم الحيوان؟
أن يحرم التصوير والصور لزمن طويل.. وتحرق الذكريات وتتلف أجمل اللحظات.. ثم تتزاحم صور حرمها في المجلات والجرائد ومواقع التواصل.
أن تثور المنابر والأقلام للاحتساب أمام عمل المرأة في الأسواق في حين كانت تمارسه منذ زمن طويل ولم يتكلم أحد.. لكنها كانت تحت الشمس وفي البرد ولا يفصلها عن الرجل إلا كونها بين أنقاض بضاعتها المزجاة تحاول أن تكسب رزقها.. الفرق الوحيد أنها أصبحت تعمل في مكان مهيأ.. وبضاعتها أفضل.. وأخذت مكانها الطبيعي في وطنها بدلاً من العامل الأجنبي!
أن نبكي أطلال الماضي العريق.. ونتغنى بمجده.. ونتعلق بـ كنا وكان.. في حين لا نملك من قوى الحاضر شيئاً.. ونصب فشلنا على عاتق الآخرين كمن ضيّع بيته وأهله..كسلاً وتواكلاً على أمجاد جده.. ثم اتهم جيرانه لحظة استفاق من غفوته الطويلة.. ولم يجد شيئاً تغيّر في بيته..!
معركة الرمادي الاجتماعية كانت نفسية وتُحكى على استحياء ويصعب عدها.. أما اليوم فهي سافرة.. وتريد أن تصل للون واضح يحترم العقل والحاضر.. وينظر للمستقبل بعقلانية تفهم أن الطريق مفروش بمؤشرات تحكي أين يمكن أن تكون محطة الوصول.. معركة أعلنت وجودها بين أوساط الشباب.. تطلب الحقيقة.. وتخاطب العقول.. فهل نعترف لهم برمادية الموقف.. أم نتهمهم.. أم نسكت ونترك لهم مهمة البحث؟!