لحظة يضطرك ظرف الزمان أو المكان أن تكون حكماً بين خصمين فأنت في امتحان حقيقي ما بين العاطفة والعقل.. تلزمك حالة تجرد من مشاعرك لتقارن الواقع بالأقاويل وتسمع للطرفين.. لأن بلاغة اللسان.. وتمثيل دور الضحية.. من مغيبات العقل واستمالة القلب نحو الطرف الأضعف كما تبدو صورته.. ومن واقع الحال قد تلمس انحيازاً ولو مبدئياً لمن يبادر بالشكوى لتأثير محسنات الدور التمثيلي من بكاء وانكسار.. ورغم ذلك.. فأنت مجبر أن تتريث وتبحث وتسمع قبل أن تحكم.. أو تنحى واترك لضميرك الراحة من المشاركة في مسرحية «ضربني وبكى.. سبقني واشتكى».
في الخصومة المهنية تلعب الأطراف المشاغبة على وتر الاستفزاز غالباً.. لتنزلق حكمة وهدوء الآخر وينتقل من صاحب حق إلى مدين في قفزة واحدة غير منطقية.. ويكسب من تأنى وفهم أن الحق يؤخذ خطوات متتابعة مرتبة.. تبدأ في جمع الأدلة والمواقف.. والكشف عنها في الوقت المناسب وعلى حين غرة لا يتوقّعها الخصم.. أما من يبعثر طاقته في الاستسلام للمهاترات والصراخ والغضب.. فإنه يخسر ويضع نفسه بنفسه في موضع الاتهام!
لست مجبراً أن تكون مثالياً.. إنما متأنياً.. فلا أعظم هيبة من خصم غامض.. لا تعرف خطوته القادمة أين تكون.. ولا تستطيع أن تستبين توقيتاً لضربته القادمة.. وقبل كل هذا.. تعرف على حقوقك.. القانون يحميك إن فهمته.. القانون يخبرك عن مساحاتك التي لا يسمح لأحد أن يدخلها.. لن تجد مراوغاً يستطيع أن «يهايط عليك» لأنك تعرف ما لك وما عليك.
لكن عند غياب ثقافة الحقوق عنك.. تكون لقمة رخوة لا تستحق حتى المضغ على عجالة.. يمكن ابتلاعك وحجزك في غياهب القهر والغبن ولن تجد لك منقذاً.
في عملك تعرف على حقوقك المهنية.. واحرص أن تكون حاضر الذهن قليل الثقة عندما تلمس بين الأجواء مكيدة.. بالطبع لا أدعوك لتكون شخصية مهووسة بالمؤامرة ومسكونة بالشك والخوف.. إنما بعض المؤشرات حولك يمكنها أن تخبرك أنك تتمشى بين الضباع عارياً من الأسلحة بكل سذاجة.. عندما ترى أن أعراض الآخرين مستباحة خلف الكواليس ومجالس الضحى.. فاعلم أنك مع أحدهم.. وكذلك الكذاب.. والغيور و و و إلخ.
تعلّم كيف تسمع وتنصت لتدرك أبعاد الخطر في نفس مقابلك.. لتعرف أي فريق يمكنك أن تعمل معه وتبقى بخير وبعيداً عن دائرة الخصام المجحف.. لأن المنافسة أمر محفز للخير عند الواثقين من أنفسهم.. وفي ذات الوقت توقظ الشر في غيرهم.