أسئلة كثيرة تسبق لقاء الهلال في ذهاب نهائي آسيا هناك في أستراليا أمام ويسترن سيدني اليافع الغامض، أبرزها: هل استعد الهلال جيداً لهذه المواجهة المصيرية بطريقة تليق بقيمتها وأهميتها؟ هل أحسن المدرب ريجي ومعه الإدارة واللاعبون قراءة وتقدير واحترام الفريق المنافس والمستضيف؟ ما مدى رضا وتفاعل الجمهور الهلالي مع تحضير واستعداد فريقه لمباراة الذهاب؟ ماذا عن فهم وتعامل الإدارة واللاعبين مع ما تطرحه وسائل الإعلام بوجه عام؟
الأكيد أن جزءاً كبيراً من هذه الأسئلة وغيرها لا يملك الجواب عنها إلا المدرب واللاعبون والإدارة، وهؤلاء هم وحدهم من بأيديهم - بعد توفيق الله - قرار العودة من هناك بنتيجة مريحة ومطمئنة في لقاء الإياب. أما نحن الإعلاميين والمراقبين والمهتمين والداعمين لممثل الوطن فتقع علينا مسؤولية توضيح الصورة كاملة، وتشكيل رأي عام يضع مسيري ولاعبي الهلال أمام واقع وواجب إعطاء فريق سيدني حقه من الاحترام والإلمام بحقيقة أنه لم يتفوق ويقصي في طريقه فرقاً معروفة عريقة وشهيرة، ولها إنجازاتها الآسيوية ولم يصل إلى هذه المرحلة كممثل لشرق القارة إلا لأن لديه إمكانات وأدوات وطموحات تحقيق اللقب..
دعواتنا للهلال بالتوفيق في أداء مهمة تمثل له وللوطن الشيء الكثير من المكاسب الفنية والمعنوية والشعبية وحتى السياسية، وخصوصاً في هذا الوقت الذي نحتاج فيه لتحسين صورتنا واستعادة زعامتنا ومكانتنا المرموقة والمتميزة على مستوى القارة..
لوبيز أبخص!
أثبت لقاء منتخبنا أمام الأوروجواي صحة ما سبق أن رددته أكثر من مرة حول ضرورة الإبقاء على المدرب لوبيز، وعدم الالتفات للآراء العاطفية المتشنجة التي لا ترى في منتخب الوطن إلا ألوان أنديتها، وتعتمد في تقييمها للمدرب على اختياراته للاعبين من هذا الفريق أو ذاك.. كنت دائماً أقول لوبيز نجح في أول مهمة له مع الأخضر، وقاده إلى صدارة مجموعته الآسيوية بعد سلسلة من الإخفاقات آسيوياً وخليجياً؛ وبالتالي من الظلم له وللمنتخب توجيه اللوم له لمجرد الخسارة ودياً، أو لأنه لم يختر لاعبهم المفضل. لقد سئمنا أسطوانة جندلة المدربين، كما أن المنتخب لن يكتب له التفوق ولن يعود إلى المنجزات ذاتها طالما أن له في كل بطولة مدرباً، ويقرر مصيره أشخاص لهم أهواؤهم وحساباتهم المتفاوتة تبعاً لمصالحهم ورغباتهم..
لفائدة الأخضر والأندية والكرة السعودية حاضراً ومستقبلاً، لا بد من إعادة النظر في تعاملنا مع المدربين؛ فمن غير المعقول أن مئات المدربين الذين مروا على المنتخبات والأندية السعودية بهذا السوء الذي يجعلهم يغادرون إلى حيث أتوا بعد شهور لا بل بعد أيام محمَّلين بالملايين، وقد أُنفقت دون أي أثر إيجابي أو مقابل فني بسبب استعجال النتائج، وغياب الفكر الإداري، سواء أثناء اختيار المدرب والتعاقد معه أو في قرار الاستغناء عنه..
التوثيق بالترقيع!
لم يكن أكثر المتشائمين يتوقع أن تسفر سنوات الأخذ والرد والانتظار الطويل لتوثيق بطولات الأندية السعودية عن لجنة ضعيفة مريبة كهذه، لا تملك أدنى سمات ومواصفات ومؤهلات القيام بمهمة صعبة شاقة، لها معايير وقياسات حساسة ومنهجية علمية دقيقة، وتعتمد على وثائق وحقائق ووقائع بعيدة عن الأمزجة والعواطف والقناعات الشخصية..
واضح جداً أن تشكيلها تم على طريقة (سلق البيض) التي أشار إليها المؤرخ الكبير والأكاديمي الخبير الدكتور أمين ساعاتي في حواره الأخير مع صحيفة الوطن. ويؤكد ما ذهب إليه ساعاتي اختيارها للدكتور عبدالرزاق أبو داود رئيساً لها في التوقيت نفسه الذي كلفته بالإشراف على المنتخبات السعودية، إضافة إلى أنه ــ أي أبو داود ــ لا علاقة له بهذا الشأن، وليس له أي اهتمامات في مجال التوثيق بأنواعه؛ ما جعله يتورط في استقطاب أسماء أثارت استياء واستغراب الشارع الرياضي بكل فئاته ومكوناته، مقابل تهميش أخرى متخصصة ومعروفة وموثوق بها، ولها تاريخ طويل حافل وسيرة عطرة في هذا الميدان، كما الدكتور أمين ساعاتي الذي عايش وتابع البطولات السعودية أولاً بأول منذ بداياتها، والأهم من هذا أنه يحظى بقبول وثقة مختلف أطياف وانتماءات غالبية الوسط الرياضي، وله بحوث ودراسات وكتب ومؤلفات في رصد وتوثيق الحركة الرياضية السعودية..
أخيراً، إن كان د. عبدالرزاق أبو داود يدري أن أحد أعضاء لجنته سبق أن وصف البطولات السعودية التي سيتولى توثيقها بـ(القذرة والمشبوهة) فهذه مصيبة، وإن كان لا يدري فالمصيبة أعظم، ثم إن اعتماد وإصدار قرار تشكيل ومتابعة أداء هذه اللجنة من المفترض أن يتم من قِبل الرئاسة العامة لرعاية الشباب وليس اتحاد الكرة، نظراً لأن ملفات وأوراق ومستندات هذه البطولات موجودة في أرشيف الرئاسة باعتبارها الجهة التي ظلت طيلة العقود الماضية المسؤولة والمشرفة عليها قبل أن يكون اتحاد الكرة مستقلاً ومنتخباً.