تشتهر في المجتمع ظاهرة التفريق في تعامل الناس بين الأقارب وغير الأقارب، فنجد أكثر الناس يحسنون - إلى حد ما - التعامل مع غير الأقارب، فيعاملونهم في أول الأمر بنوع من الاحترام، ومراعاة الحدود الضرورية، ويعطونهم شيئاً من التقدير، وعدم الإكثار في العتاب واللوم، وغير ذلك. لكننا نجدهم مختلفين في التعامل مع الأقارب، فنراهم يرفعون الكلفة، ويتجرؤون على بعضهم البعض، فيقل الاحترام، والتقدير، ويكثر المزاح الثقيل الذي يصل إلى حد التجريح، وقد يصل الأمر إلى تلفظ بعضهم بألفاظ نابية، وكلمات قاسية، بل وصل الأمر عند بعضهم إلى لعن الآباء والأمهات، وغير ذلك مما يحرمه الشرع، ويرفضه الذوق السليم.
وبالمقابل نجدهم يتهجمون على بعضهم أكثر، ويكثرون من لوم بعضهم بعضاً بشكل غريب، وعجيب، فتكثر بينهم الكلمات من نحو: ما عزمتوني، ما بشرتموني، لماذا لم تسألوا عنا؟ أنتم لاتحبوننا، أنتم تكرهوننا، إلى غير ذلك من التصرفات التي تؤجج العداوة والبغضاء بين الأقارب، مع مايرافق ذلك من تضخيم المسائل، وتأزيم الأمور التافهة حتى تبدو وكأنها أزمة الشرق الأوسط!!
ومما هو معلوم أن كثرة العتاب، والمبالغة في اللوم من الأسباب والوسائل المفضية إلى زرع الفرقة، والشقاق بين الأقارب، فلكل واحد من الناس ظروفه، وأحواله، وأعذاره، فقد تكون هنا أسباب جوهرية في صدور تصرف ما قد تراه لا يعجب.
نخلص من هذا إلى أن الواجب أن يتعامل الأقربون بعضهم مع بعض بكل التقدير، والاحترام، وتجنب المزاح الثقيل، وترك الألفاظ الجارحة، والإقلال من اللوم والعتاب، والتحلي بمحاسن الآداب، والتخلق بمكارم الأخلاق، والتماس الأعذار لهم، ومعاملتهم باللين والرفق، بل إن احترامهم آكد من احترام غيرهم، فإن أقاربك يمتون إليك بصلة الرحم التي جعل لها الإسلام منزلة رفيعة، ومكانة سامية، فمن وصلها وصله الله، ومن قطعها قطعه الله، وكما أن احترام المرء لأقاربه هو في الحقيقة احترام لنفسه، ولأن الأقارب والأهل عز وفخر وسند، وذكر للإنسان، وفخر له.
أمران ينفعان كل مؤمن:
«حسن الخلق، وسماحة النفس.
وأمران يرفعان شأنه:
«التواضع، وقضاء حوائج الناس
وأمران يدفعان البلاء عنه:
«الصدقة، وصلة الرحم.
وصلى الله على القائل: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي).