داعش، والدواعش، والقاعدة وقبلها قواعد التطرف والعنف هي نتاج، هي الثمرة الفاسدة، وليست -الشجرة- المشكلة وعروقها، العلة قد تبدو في مكان اخر، في العودة للخلف اكثر.. في اعادة قراءة سيرة الاحداث.
إلى اهم العوامل التي تسببت في صنع القاعدة، إلى الفعل السياسي في زمن ما، إلى فعل طارئ وغير محسوبة عواقبه قاد إلى الكثير من التشوه والرعب الان، بداية المشكلة تعود إلى ذاك الزمن البعيد، وكذبة الجهاد..الخ، التي سوقت سياسيا عن جهل أو عمد أو كلاهما.
نجحت امريكا بعون عربي اسلامي - وغربي ايضا- من طرد الاتحاد السوفيتي من افغانستان، لكنها تركتها بعد ذلك للفوضى والجهل، ثم جاءت طالبان القوية، الحركة التي اكتسحت الاراضي الافغانية الصعبة قبل ان تحتضنها تحالفات اجهزة المخابرات وتحاول ترويضها أو توظيفها، قبل ان تدرك ان طالبان هي القبلة الارهابية العالمية الجديدة.
ذلك حدث بمجرد ان اهملت الولايات المتحدة الامريكية وحلفاؤها التنمية والتعليم في ارض الافغان، وتركوها فريسة عبثية وفوضوية للمتطرفين، رغم كل المليارات والانفس التي نفقت لتحريرها من الروس.
لقد اصبحت الارض المحررة من الاتحاد السوفييتي -السابق-قاعدة الارهاب العالمي، هل هو خطأ امريكي، سوء تقدير أم غباء..؟!
بعد عقود وفي العراق لم يختلف السلوك الامريكي كثيرا، اسقط صدام ببراعة، لكن الطريقة الأمريكية- لم تختلف كثيرا عما كان في افغانستان سابقا، تركت العراق ضحية للفوضى والفساد والطائفية، وانسحبت تدريجياً بعد سلسلة أخطاء يعترف فيها الجميع، من حل الجيش إلى اهمال السكان الاصليين، إلى خذل الصحوات والعشائر...إلخ..
في أفغانستان ما بعد طالبان، وفي العراق ما بعد صدام، واليوم إلى داعش -في حضرة الاسد- تصرف الولايات المتحدة وحلفاؤها -طبعا- آلاف المليارات من اجل هزيمة عدو، لكن هذه المبالغ الرهيبة لا تتجاوز كونها عدة حربية، لا يهم بعدها ماذا سيحصل!
وحين قتل أمريكي أو نحر ارسلت واشنطن المزيد من الطائرات للقتال، ولضرب داعش مباشرة في العراق، وسوريا بشكل اقل.
لكن البيت الابيض أو الرئيس أوباما لم يفطن بعد إلى عمق المشكلة، فالمشكلة أوسع الان بعد تجاهل اصلها، المشكلة تتسع، وجنود داعش يهبطون على العراق وسوريا من امريكا والغرب..!
الان اصبح تجنيد «المجاهدين الدواعش « يتم من امريكا نفسها،ومن الغرب ذاته،بعد عقود من «جهاد الولايات المتحدة الامريكية»، في افغانستان، فهل اصبح العالم أكثر أمناً وسلامة للبشرية والإنسانية، ام ان ذلك الوحش الذي ايقظوه اصبح خارج التحكم ؟!
الا ان الارهاب لم يعد خطراً بعملية ينفذها هنا أو هناك، لكنه يتواصل اليوم في شبكة عالمية ويجند الجنود من كندا إلى امريكا وصولا لاوربا واستراليا.
لذا علينا ان نبدأ بالحرب الفكرية والثقافية والعلمية ضد الارهاب وافكاره وجيوبه ومساحات جهله، علينا ان نعيد التفكير في كل برامج الماضي،.. لا مجال للتردد أو اللين أو الاختبار..
فالسعودية هي الدولة القادرة على قيادة الدول العربية والإسلامية للبدء بجهد عربي كبير لتطهير المنابر والمناهج والمجتمع من كل نشاط أو تحريض أو فكر ارهابي ظاهر أو مستتر.