ربما لم يكن الوقتُ أكون فيه شغوفة للحديث إليكِ أكثرمن هذا الوقت..
تدرين لماذا يا نوَّارة..؟
لأنكِ حين كنتِ تأخذين بكفيَّ الصغيرتين في يديكِ،.. وتحملينهما إلى شفتيك..،
كانت دموعكِ تلوح في فضاء عينيكِ..،
فأسرع بسحب أحدَ كفيَّ لأمسح به عينكِ، وأسألكِ: لم تبكين..؟
وعرفتُ فيما بعد معنى تنهيدتكِ العميقة التي استقرت في جوفي.. حتى الآن في جوفي..،
وكذلك وعدكِ لي بأن أعرف فيما بعد..!
وجاء ذلك «الفيما بعد» ليصبح ماضياً بعيداً..،
وتتكرر الأسئلة معي..،
فأجيبهم كما كنتِ تجيبينني، حتى استوى الجميع يعرفون الإجابة بعد أن كانوا يسألون..!!
عرفنا أن الزمن كلما مر ينقص... محملاً بوعثائنا..،!!
وأن المجتمعين مهما طال بهم اللقاء سيفترقون... بأحلامهم..،!!
وأن الدنيا لا تجمل بغير الإيمان..،
ولا تطاق بغير الأخلاق..،
ولا تعمر بغير العمل..،
ولا تصغر بغير التفكر في سعة، وكبر التي تليها..!!
عرفنا أن الطهر قبل أن يشمل المأكل، والملبس لا بد أن يعمر القلب..، ويشرق به الفعل..،
وأن الشقاء لا يحل إلا بالدنس..،
وأن الوبال لا يكون بغير سوء الخصال..،
وعلمنا أن نبتة ياسمينة عند المداخل تذكّرنا بهذا الطهر..،
وبمآل الأثر منه..!!
لذا حرصنا على الياسمينة يا نوارة..
وحرصوا على بياضها يا سيدته...
واعتكرت الدنيا، وتتعكر مساراتها..،!
وتتفاوت تارة هائجة بالغبار..، وتارة مائجة بالبشر..!
غلبت عليها شقوة الناس بها..،
وازدحمت بالنوايا ازدحامها بخيراتها..،
وكأنما الناس فيها لا يرون الياسمين..،!
وكأن الصدور لا تشهق الشذى..!
وماءٌ عند في مسراهم يتضمخ بالعكر..!
وأنتِ ترفدينني بملمح عينيكِ لا تزالين قريبة حد الشغاف...!
كأنكِ الدعاء وقد تبتل في الصدر..!
حين يسَّاقط من العين وضوءاً...!
هو ذا زمن حضوركِ النابض يا نوَّارة..........
زمنٌ هو ذا تتفشى فيه الآهات سياطاً يجلد الاحتمال..،
وأسئلة تثير الرماد..!
لكن الياسمينة عند المدخل، تمرر أناملها على الأنحاء..،
تعمر الصدر بياضاً..!!