تغرّب حوالي سبع سنين لكي يدرس تخصصاً دقيقاً، من التخصصات المطلوبة محلياً. كان أثناء الدراسة يعيش عيشة صعبة، لا يعرف سوى الدراسة، وسوى المثابرة من أجل أن يحقق أمله وأمل والديه، مضحياً بالفرص التي كانت موجودة في بلاده، والتي استفاد منها من بقوا ولم يتغربوا ولم يضحوا من أجل بلادهم.
بعدما عاد بالشهادة الممهورة بمرتبة الشرف، تمَّ تعيينه على الوظيفة التي سيمارس عليها تخصصه الدقيق، ولكن على مرتبة يستحق أكثر منها. وفهم من العاملين في الموارد البشرية أنه سيبقى طويلاً على هذه المرتبة، وأنه إذا حدث وتمت ترقيته، فإن هذه الترقية ستكون ذات سقف محدود.
سألهم:
-وهل هذا هو حال الجميع؟!
أجابوا :
-أجل.
فوّضَ أمرَه إلى الله، وتوجه إلى عمله، يؤديه بكل إخلاص.
يأتي قبل الموعد، يخرج بعد الموعد. يناوب في الإجازات الإسبوعية والعطل الرسمية، وكأن ليس له حياة سوى خدمة المؤسسة والمستفيدين من المؤسسة، حارماً نفسه من كل متعة ومن كل فرصة قد تزيد من دخله.
- هذا هو حال الجميع؟
- من قال لك ذلك؟!
- الموارد البشرية.
- يا حليلك ويا حليل مواردك. ما تدري أن 40% من إداريي مؤسستك يحملون مؤهلات دنيا، ويشغلون مراتب ضعف مرتبتك، وبرواتب أكثر من ضعف راتبك.
ولا عمل لهم سوى الثرثرة وتدمير نجاحات المبدعين!
- وأين الدولة عنهم؟ أين وزارة المالية ووزارة الخدمة المدنية وديوان المراقبة وهيئة مكافحة الفساد؟
- أقول يا حليلك!