انتاب جميع الخليجيين الألم وسادت حالة من الحزن بسبب الخلافات التي خيَّمت على دولهم خلال الفترة الماضية، وقبل أيام قليلة تفشت مشاعر السرور وأحاط الفرح كل خليجي عايش بداية مرحلة التعاون بين البلدان الستة؛ بعد القرار التاريخي برئاسة الملك عبدالله والذي انبثق منه عودة سفراء الرياض وأبوظبي والمنامة للعمل مجدداً في الدوحة، وبذلك تكون الدول الخليجية قد انتصرت على الفرقة وطوت صفحة استغلها الأعداء لتوسيع الخلاف وزيادة الخصومة، بعد أن علا صوت الحكمة وعاد القادة يؤكّدون على ترسيخ روح التعاون الصادق والمصير المشترك وتحقيق ما يتطلع إليه أبناء دول المجلس من لحمة متينة وتعاون وثيق.
ولا ريب أن عودة السفراء هي عودة لدفع مسيرة العمل المشترك التي ستنطلق ببلداننا نحو كيان خليجي قوي ومتماسك وسط أجواء ملبدة بالأحداث السياسية المضطربة، وهو ما يجعل أمر الاتحاد حتمياً لمزيد من الترابط والوحدة ومضاعفة الجهود والتكاتف لحماية الأمن والاستقرار فيها.
ومن شاهد صور القادة الخليجيين التي نقلتها وكالات الأنباء وهم يقبّلون رأس الملك عبدالله؛ يشعر بالارتياح والهدوء. ويدرك مدى متانة العلاقات التي تربط بين بلدنا وبين البلدان الشقيقة، ويوقن أن تلك العلاقات ليست بروتوكولات شكلية وعلاقات دبلوماسية وحسب؛ وإنما مشاعر صادقة يحملها هؤلاء القادة تجاه أخيهم وكبيرهم في السن والقدر والمكانة، وهذه المشاعر الملكية هي في الواقع تعكس مشاعر شعبية يتبادلها أبناء الخليج، وهم يحملون لبعضهم الاحترام والحب قبل المصالح والمنافع المشتركة.
والحق أن تلك القبلات المطبوعة على رأس وجبين الملك عبدالله هي رسالة قوية أطلقها قادة الخليج لمن حولهم ممن يسعون لزعزعة أمن ووحدة الخليج والنيل منه، وليثبتوا أنهم إخوة دم ومشاعر ومصالح نبيلة، وليطمئنوا شعوبهم على بقاء جداول المحبة متدفقة فيما بينهم.
إن التقدير الذي تحظى به المملكة؛ يشعرنا بالفخر لحكمة قائدنا وحنكته باتخاذ القرارات السياسية الرصينة، ويحمّلنا نحن المواطنين مسؤولية عظمى بأن نكون على مستوى ذلك التقدير أخلاقياً وقيمياً لأننا أصحاب رسالة سامية ودعاة سلام.
حمى الله الخليج وأهله من الشرور، وأدام عليهم الأمن والرخاء.