أتفق تماماً مع وزارة التعليم العالي في أن استقطاب الأكاديميين المتميزين من جميع أنحاء العالم للتدريس وإجراء البحوث والدراسات في جامعاتنا هو أمر ضروري.
وما قاله الدكتور محمد العوهلي وكيل الوزارة للشؤون التعليمية صحيح حين أكد أن هذا الاستقطاب هو جزء من تنويع الخبرات الذي تحتاجه جامعاتنا وتحتاجه أنظمة التعليم العالي.
إن التفوق الذي أحرزته وتحرزه الجامعات الأمريكية، على سبيل المثال، قائم إلى حد كبير على فلسفة الانفتاح على الخبرات العالمية، ولهذا نجد أن بعض ألمع العقول في الحقل الأكاديمي في الولايات المتحدة جاءت من الهند وأمريكا اللاتينية وأوروبا، وحتى من العالم العربي!
لقد استقطبتهم الجامعات الأمريكية وقدمت لهم التسهيلات بما في ذلك الحصول على الجنسية الأمريكية ليس حباً فيهم وإنما طمعاً في الاستفادة منهم في الابتكار وإجراء البحوث والدراسات وتدريب الطلاب وتعزيز قطاعات الاقتصاد المختلفة بالأفكار الخلاَّقة التي تجعل الاقتصاد الأمريكي في المقدمة.
جامعات الولايات المتحدة آمنت بضرورة فتح قنوات التواصل مع أصحاب الأفكار الإبداعية بصرف النظر عن جنسياتهم وجنسهم ودياناتهم وخلفياتهم الثقافية.
شعار تلك الجامعات هو التنوع من أجل إثراء الممارسة الأكاديمية وحصد ثمار الإبداع.
وقد مضت بعض الجامعات الأخرى في دول عدة على نفس النهج، وهذا ما نراه في جامعات شهيرة في بريطانيا وفرنسا وبلدان أوروبية أخرى تزخر بالمتعلمين من أبنائها ولكنها تحرص على الاستفادة من أي كفاءة وافدة وتستوفد من ترى أنه قادر على العطاء والإبداع.
ومع ذلك فإن أبواب هذه الجامعات ليست مشرعة لمن هبّ ودبّ فهي تنتقي الكفاءات الجيدة التي تحقق فلسفتها في التنوع المثري.
وهنا تأتي المقارنة بين ما يحدث عندنا وما يحدث عندهم، فواقع الحال أن بعض من تستقدمهم جامعاتنا لا يضيفون لهذه الجامعات تجارب مميزة لأنهم يفتقرون إلى الكفاءة، وبعضهم متخرج من جامعات متخلفة ضعيفة منقطعة عن التطورات العلمية والبحوث الحديثة التي يعج بها الحقل الأكاديمي في البلدان المتفوقة علمياً.
نحن نسمع بين الحين والآخر أن جامعاتنا ترفض توظيف سعوديين من حملة الشهادات العليا، وهذا من حق تلك الجامعات إذا كان هؤلاء المواطنون لا يتمتعون بالكفاءة العلمية، لكن المؤسف أن هذه الجامعات التي ترفض استقطاب بعض السعوديين الضعفاء علمياً تستقطب أكاديميين وافدين أضعف منهم ويفتقرون إلى الكفاءة!
وعلى وجه العموم، ما صرح به وكيل الوزارة من أن استقطاب الأكاديمي الوافد يعتبر ضرورة من أجل التنوع الأكاديمي هو رأي سليم حين يكون هذا الوافد متميزاً في تحصيله العلمي وفي أدائه؛ فالعلم لا جنسية له وهو مطلبنا الذي يجب أن نسعى لتحصيله من أجل نهضة وطننا وتقدمه. هذا ما آمنت به دائماً رغم حماسي الكبير للسعودة في معظم المجالات الأخرى.