بعد النجاح الذي حققه (المؤتمر الدولي للإعلام والإشاعة: المخاطر المجتمعية وسبل المواجهة) والذي نظّمته جامعة الملك خالد في الأسبوع الماضي، يأتي السؤال المهم بعد مشاركة أكثر من ثمانين شخصية أكاديمية وإعلامية من داخل المملكة وخارجها: ماذا بعد هذا المؤتمر..
وماذا بعد هذا العرض العلمي والنقاش الموضوعي للإشاعة وتداعياتها على المؤسسات والأفراد والدول وحتى الأفراد..؟
لم يكن هدف جامعة الملك خالد ممثلة في قسم الإعلام والاتصال وهو أحدث أقسام الإعلام في الجامعات السعودية (عام ونصف منذ تأسيسه) تنظيم المؤتمر بذاته ولكن كانت تطل العديد من الأهداف العلمية والمجتمعية التي كانت وراء تحقيق المؤتمر.. ونستطيع القول إن مجمل التوصيات التي صدرت عن المؤتمر الدولي للإعلام والإشاعة هي أهداف إستراتيجية مهمة يجب الالتفات إليها.. وفيما يلي توضيح الأهداف التي كانت جامعة الملك خالد تسعى لتحقيقها من هكذا مؤتمر بمثل هذا الموضوع..
لقد درست الجامعة والمختصون الإعلاميون في الجامعة وضع الإشاعة في المجتمع السعودي، ووجدنا أن المجتمع السعودي مليء جداً بالإشاعات في مختلف المجالات من الصحة والرياضة إلى الأمن والسياسة، مروراً بالتعليم والاقتصاد.. والكثير من هذه المجالات هي مفاصل مهمة في الشأن السعودي تؤثّر بشكل كبير على مجريات تلك المجالات، وأقلها تأثيراً هو الإرباك الكبير الذي تحدثه الإشاعة في المؤسسات ذات العلاقة.. وبناءً على هذه المعطيات كان أحد أهداف المؤتمر هو محاولة مواجهة والتصدي للإشاعة وفق خبرات وتجارب وبحوث ودراسات محلية وعربية ودولية، وكانت إحدى التوصيات تصب بشكل مباشر في هذا الاتجاه..
إن الإشاعة في نهاية المطاف هي خبر يسري عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي في الغالب يكون متعمداً ولكنه قد لا يكون كذلك فقد يكون عن سوء فهم أحياناً.. والحلول كما طرحتها أروقة وقاعات المؤتمر هو في بناء جهاز إعلامي واتصالي للمؤسسة قادر على مواجهة الإشاعة وغيرها من أشكال النشر عن تلك المؤسسة. وكانت التوصية في هذا الخصوص كما يلي «حث المؤسسات العامة والخاصة على تطوير منصاتها الاتصالية والإعلامية بما يكفل مواجهة الشائعات بما في ذلك المتحدث الرسمي ومواقع المؤسسات الإلكترونية وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي، واستصدار القرارات الملزمة لهذه الجهات لتنفيذها».
ومن هنا فإننا كمختصين وكخبراء اتصال إن الجهاز الإعلامي الاتصالي للمؤسسة سواء كانت دولة أو وزارة أو هيئة حكومية أو جامعة أو شركة أن هذا الجهاز الإعلامي الذي عادة يقع تحت مسمى إعلام وعلاقات عامة هو الأداة الرئيسة التي يمكن من خلالها أن نتفادى الكثير من أضرار الإشاعة على تلك المؤسسة. وكما تشير الأدبيات العلمية للإشاعة فإن لها ركنان تقوم عليهما هما: الأهمية والغموض. والأهمية تكمن في طرف المرسل فهو يختار الموضوعات ذات الأهمية التي تستقطب اهتمام الجمهور سواء جمهور داخلي أو خارجي للمؤسسة، والغموض تكمن في طرف المستقبل أو المتلقي ويتم اختصاره في الأدوار الاتصالية للمؤسسة، فنظامها الاتصالي هو الذي يعطي قوة للإشاعة بالغموض وعدم التوضيح والتأخر في الرد وأحياناً التجاهل وعدم التطرق للموضوع..
ومن هنا فإن التوصية الإستراتيجية لهذا المؤتمر هو تطوير منصات الاتصال والعمل على متابعة ما يستجد في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، ولهذا فقد رأي المؤتمر بضرورة استصدار قرارات ملزمة على الجهات الحكومية بشكل خاص لبناء حسابات في تويتر وفيسبوك وانستقرام وغيرها من أجل التواجد المباشر.. وبعض الجهات ليس لها حسابات وبعضها حسابات غير محدثة والنادر توجد لديها حسابات مفعلة. وتحديداً ما نقصدها هنا أن يصدر من المقام السامي قرار لإلزام الجهات الحكومية بضرورة فتح حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي وتوظيف خبرات إعلامية للمسئولية عنها، للمتابعة والرد والتوضيح.. فكم من إشاعة سرت في جسم المؤسسة عبثت فيها وكان بالإمكان أن يتم القضاء عليها وقتلها في مهدها لو تصدى جهاز الإعلام والاتصال لها في بداية خروجها للرأي العام..
يتبع..