على نقيض ما هو شائع، فإن الأوضاع الاقتصادية السيئة التي تمر بها إيران، جعلتها تحتل المرتبة الأولى عالمياً من حيث مؤشر البؤس؛ بسبب ارتفاع الأسعار، وزيادة معدلات البطالة، وانهيار بعض المشروعات الكبرى، كخطط التنمية، وبرامج مواجهة الأزمات الاقتصادية، - إضافة- إلى تأثر قطاع الواردات، بعد العجز في التحكم بثبات أسعار الدولار.
إن تحدثت عن ارتفاع معدل البطالة، فقد وصلت إلى 20.1 % - خلال السنوات الخمس القادمة -، ولن تنخفض عن 15.5% في عام 2016م. وإن تحدثت عن معدل التضخم، فقد بلغ ما يقرب من 36% - حسب التقارير الرسمية -، إذ بلغ معدل التضخم في أسعار الغذاء نسبة 55%. وإن تحدثت عن العقوبات المصرفية، وأثرها على التبادل التجاري بين إيران، والعالم الخارجي، فقد أدت إلى انخفاض شديد في قيمة الريال الإيراني، والذي وصل إلى ما يقرب من 80%، وهي مستويات جديدة غير مسبوقة.
إذا استمرت العقوبات الدولية على الاقتصاد الإيراني، فإن الآثار السلبية ستتضاعف، وسيزداد الركود، والتضخم؛ بسبب العقوبات على صادرات النفط الإيراني، والذي وصل إلى ما يقارب 65%. وفي حال تنفيذ العقوبات الغربية، فإنها قد تعرقل من قدرة إيران على بيع النفط في الأسواق العالمية، مع أن الاقتصاد الإيراني يعتمد بنسبة 60% على إيرادات النفط، وتذبذب أسواق الطاقة العالمية. الأمر الذي سيزيد من صعوبة تحصيل إيران قيمة صادراتها، - خصوصاً- في مجال النفط، والذي يعد مصدراً حيوياً للعملة الصعبة في إيران، وهذا ما سيجعلنا نؤكّد على سلبيات الارتباط الشديد بين الاقتصاد الإيراني، والنفط، لحساسيته الشديدة؛ بسبب التغيّر في أسعار النفط، ولهذا السبب ارتبط تذبذب أسعار النفط عالمياً في أداء الاقتصاد الإيراني بصورة أساسية.
النتائج ليست مرضية بالقدر المرتجى؛ بسبب عزل إيران بشكل كبير عن نظام التجارة الدولي، وتراجع قيمة العملة المحلية، مع ما تواجهه إيران من أزمات داخلية كبرى، سيؤدي بها إلى مزيد من انهيار خطط التنمية، وبرامج مواجهة الأزمات الاقتصادية، وسيصبح المواطن الإيراني، هو الحلقة المفقودة وسط هذه المتاهة، بعد أن تركت الأزمة المالية العالمية تداعيات كبيرة عليه، تجاوزت معها الأوضاع الاقتصادية إلى التأثير على الواقع السياسي، وهذا ما سيجعلني أتفهم إعلان - رئيس مجلس الشورى الإيراني - «البرلمان» علي لاريجاني - قبل أيام -، بأن «إيران تعاني من جفاف مالي - منذ سنتين -؛ بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية».