ليس صحيحاً أن المنافس هو «شركات النفط الصخري»، بل وجود نفط من خارج أوبك، ووجود تكنولوجيا تستطيع استخراج هذا النفط.
النفط جميل، أعطانا لمدة اثنين وثمانين عاماً 135 مليار برميل، وما زال يعطي، در علينا دخلاً تريليونياً في كل سنة من الثلاث السنوات الماضية واحتمال كبير يكمل السنة الرابعة هذا الشهر تريليونياً. عام 2015 والأعوام التي تليه، سواء أدخل علينا النفط تريليوناً أو ثلاثة أرباع التريليون أو حتى نصف تريليون، فهذا جميل منه، ولكن يجب ألا نزعم أن هبوط الأسعار لن تؤثر على الدخل، ربما نستطيع أن نستعين بالفوائض (أكثر من 2 تريليون خلال العشر السنوات الماضية) لمصروفات الموازناتظ، ولكن هذا تأثير على الاحتياطات النقدية، والمستقبل أصعب.
الدراسات تشير إلى أن النفط سيعطي لأعوام قليلة قادمة (على الأقل)، والاستعانة بالاحتياطات أو اقتراض من الداخل جيد للإنفاق على البنية التحتية، ولكن لفترة قصيرة مع ترقب للمستقبل.
هل نحن في مأمن من المستقبل؟
كيف بنا أن نطمئن على تنميتنا واقتصادنا ونحن لا نعلم إن كان دخلنا العام القادم تريليونياً أو نصفه أو ثلاثة أرباعه وليس لدينا دخل يذكر غير النفط؟ نحن (بدون مقدمات) ننتظر فشل وإفلاس الشركات النفطية الأمريكية، هذا ما قرأناه في الأخبار الغربية والتي نقلت لنا ما حدث داخل اجتماع الأوبك الأسبوع قبل الماضي.
لنفترض أنها أفلست، هل زال الخطر؟ المنافس القوي لنا ليس الشركات الأمريكية (كما نعتقد) والتي لن تزول جميعها، المنافس القوي هو وجود نفط (سواء كان صخرياً أو غيره) تحت سطح الأرض لدى دول خارج منظمة الأوبك ويمكن استخراجه بالتكنولوجيا الموجودة لدى شركات النفط، هذه الشركات تستطيع أن تعود متى ما ارتفع سعر النفط، سواء في 2015 أو الأعوام التالية لذلك. ناهيك عن أن هذه التكنولوجيات يتم تطويرها سريعاً وبشكل مستمر وتسهم في خفض إنتاج أسعار النفط الصخري.
أيضاً يجب توضيح أربع نقاط أساسية: (1) غالبية النفط الصخري والذي سينتج عامي 2015 و 2016 تم بيعه ضمن العقود الآجلة فوق 95 دولاراً للبرميل، فهذا يخفف من الضغط على شركات النفط الصخرية. (2) التكنولوجيا التي تُستخدم في استخراج النفط الصخري يتم تطويرها باستمرار، وهذا يخفض من تكلفة إنتاج النفط الصخري. (3) عندما يكون العرض أكثر من الطلب في الأسواق العالمية، ينخفض الإنتاج في الولايات المتحدة، وهذا يجعل العرض لحفارات النفط والغاز أكثر من الطلب عليها فتنخفض أسعارها، والحفارات عامل كبير في معادلة «تكلفة الإنتاج»، ولذلك تنخفض تكلفة إنتاج الصخري. (4) لتقلل شركات الصخري تكلفة الإنتاج، ستعمد إلى تخفيف الحفر الجديد وتكتفي بما هو محفور، وهذا يخفض من التكلفة.
يجب أن نعلم أن النفط بأسعاره والكميات المتاح إنتاجها ليست مستدامة لنا، فهناك تحديات كبيرة تواجه النفط، وهذا ليس عيباً به، بل طبيعته، والخلل ليس بالنفط، بل باعتمادنا على النفط بشكل كلي أو شبه كلي (طبعاً البتروكيماويات من النفط والغاز وليست «غير نفطية»).
انخفاض سعر النفط يؤثر على البتروكيماويات بشكل مباشر وعلى الانفاق الحكومي، وبالتالي يؤثر على بقية القطاعات بأسواق التداول إذا استمر طويلاً في حال عدم دعم الحكومة الموازنة من الاحتياطيات النقدية. فالمساهم يتأثر بتذبذب وانخفاض أسعار النفط، ولكن سياسة الدولة للنفط تنظر للمعدل السنوي، وهذا ليس خطأ ولكنه يضر المستثمر المحلي في أسواق التداول.
في جانب آخر، من يعمل على تسعير النفط هم مضاربو أسواق تداول النفط، فينظرون لوفرة النفط خلال الـ 90 يوماً القادمة، لأنه سيشتري الآن ويبيع خلال 30 يوماً بحد أقصى (ليست كأسهم التداول العادية والتي ليس مجبراً أن تبيع بوقت محدد)، بينما نحن ننظر إلى إستراتيجيات النفط ووفرته وأسعاره على المدى المتوسط والبعيد، وبذلك نكون ضحايا التسعير.
أخيراً، دون التطرق إلى التحديات المستقبلية على المدى البعيد مثل بدائل النفط وغيره، هناك زيادة إنتاج متوقعة من داخل أوبك مثل ليبيا والتي تنتج نصف مليون برميل بعد أن كانت تنتج 2 مليون برميل يومياً بسبب أعمال المسيطرين على الأمن، وكذلك ما يحدث في سوريا والعراق، وأيضاً متوقع أن يتم السماح لإيران بتصدير مليون برميل إضافي خلال 2015.
- م. برجس حمود البرجس