أفتخر أنني «جزريّ» أنتمي إلى منظومة الكُتَّاب في هذه الجريدة العريقــــة ذات التميز والتفرد والتجدد والتطوير والرصانــــة والموضوعية.. ومع قناعتي التامة وشعوري الدائم بكل هذا، فإن احتفال الجريدة السنوي الأسبوع الماضي عزز لديَّ هذا الشعور، ورسَّخ عندي هذه القناعة، وعرَّفني أكثر بمنزلة الجزيرة لدى كتَّاب ومفكرين وإعلاميين ينتمون لصحف منافسة - إن صح التعبير- وآخرين خارج الحدود خصوصاً الخليجيين منهم، فضلاً عن منسوبيها وكتابها وموظفيها، ليس هذا فحسب بل إن هذه الاحتفالية جعلتنا نحن المدعويين نعيش مستقبل الجزيرة ونعرف كيف يفكر رئيس مجلس إدارتها ورئيس تحريرها ومديرها العام ويخططون.
إن «الجزيرة» كيان وطني متميز، وُلد ونشأ وترعرع على أيدٍ وطنية مخلصة أمينة، تقدر الكلمة وتحترم الحرف وتعلي من شأن الذوق وتلتزم المصداقية والحياد، وتفتح صفحاتها للكل على قدم المساواة دون محاباة أو انحياز، وتحترف الإخراج، وتواكب التطور وتحتضن كل جديد في عالم الطباعة، وتتميز بالتسويق، وتجيد حسن الاختيار، وتفخر بالماضي، وتعمل بجد في الحاضر، وتقرأ وتستشرف المستقبل برؤية نافذة وبصيرة واعية متقدة.. لها رسالتها المجتمعية السامية ولديها أهدافها الوطنية الواضحة التي منحتها ثقة صناع القرار ورجال المال والأعمال، وجعلتها حاضرة في جل المحافل المحلية والدولية، حاضرة في المنتديات واللقاءات الخاصة والعامة، الاقتصادية والسياسية والفكرية، محل ثقة قطاع عريض من الشرائح المجتمعية المختلفة، ولذا فهي جزماً متجددة تعيش شبابها في جميع أطوارها ولن تشيخ فضلاً عن أن تموت.
لقد تشرفت بالانتماء إلى هذا الكيان الإعلامي السعودي المتميز منذ ما يزيد على خمسة عشر عاماً، ويعود الفضل بعد الله لرئيس التحرير الأستاذ خالد المالك «أبو بشار» الذي يعد بحق أكاديمية متخصصة في الصحافة الورقية والحس الإعلامي الفريد، فضلاً عن كونه قائداً بارعاً وإدارياً ناجحاً وإنساناً راقياً ومفكراً واعياً بتداعيات المرحلة وتقاطعاتها ومحاضراً مفوهاً وصديقاً للجميع، والمواقف التي يمكن الاستشهاد بها والبرهنة من خلالها على ما ذكرت أعلاه كثيرة ومتنوعة يعرفها كل من تعامل مع هذه القامة الإعلامية عن قرب خصوصاً نحن الكتَّاب.
لقد دخلت الجزيرة أروقة الجامعات السعودية عن طريق «كراسي الجزيرة العلمية»، فصارت في متناول أيدي أعضاء هيئة التدريس والطلاب على حد سواء، ناقشت هموم الوطن واستضافت رموزه ومتخذي القرار فيه من خلال «قبة الجزيرة»، احتفت بالرموز والقامات الثقافية والإعلامية فأصدرت المطبوعات وخلدت الأعمال وجمعت السير، وكتب الكتَّاب عن رواد الكلمة ورموز الثقافة السعودية في «الثقافية» الأسبوعية، عملت جادة على المشاركة الفعلية الحقيقية في محاربة الفساد خصوصاً الاقتصادي والإداري، استجلبت أحدث التقنيات واجتهدت في إدخال آخر ما توصل له المتخصصون في الطباعة والإخراج منذ ظهرت الصيحات العالمية التي تنذر بموت الصحافة الورقية جراء مزاحمة الصحف الإلكترونية لها.
لم يكن الاحتفاء والاحتفال السنوي لجريدتنا الجزيرة حدثاً عادياً في نظري بل تميز بالإعداد الجيد والتنظيم المتقن والاختيار الأمثل والتواصل الدائم، فشكراً على كل ذلك لرئيس وأعضاء مجلس الإدارة ولرئيس التحرير والمدير العام، ومبارك النجاح و»دوماً معاً» بإذن الله. دمتم بخير وإلى لقاء والسلام.