شهدت العاصمة الإيطالية روما سلسلة لقاءات لوزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري أمس وأمس الأول حيث التقى وزراء خارجية روسيا وإسرائيل ومسؤول ملف المفاوضات في السلطة الفلسطينية صائب عريقات.
هذه اللقاءات وإن لم يعلن الوزير الأمريكي بصراحة أسباب تسلسلها، إلا أنه بسبب الحصار الدبلوماسي الذي يلف الكيان الإسرائيلي بعد تأكد المجتمع الدولي من مراوغة حكومة نتنياهو، والأمريكيون وجدوا أنفسهم في حصارهم أيضاً، لأن الأسرة الدولية التي ملت من مراوغة إسرائيل وأيضاً من الدعم الأمريكي غير المحدود لهذا التخريب الاسرائيلي بدأت خطوات عملية للتحرر من الضغوط الأمريكية التي كانت تشكل درعاً لصد الهجمات الدبلوماسية ضد التخريب الإسرائيلي، وقد وصل الأمر إلى أقرب حلفاء أمريكا من الأوروبيين الغربيين الذين بدأت برلماناتهم تضغط على الحكومات لفعل أي شيء لإنهاء الظلم الواقع على الفلسطينيين، فبعد سلسلة المطالبات البرلمانية التي أوصت حكومات بلدانهم بضرورة الاعتراف بالدولة الفسطينية على حدود عام 1967، أخذت الدوائر السياسية الدبلوماسية الأوروبية تتحرك بفعالية خارج نطاق الوصاية الأمريكية، فعملت فرنسا على صياغة مشروع قرار سيقدم لمجلس الأمن الدولي لوضع خطة طريق دولية لاعلان الدولة الفلسطينية وانهاء الاحتلال الإسرائيلي خلال عامين، ويتوافق هذا التحرك الفرنسي مع تحرك فلسطيني مدعم بتأييد اجماع عربي على التوجه إلى مجلس الأمن الدولي والانعتاق من تباطؤ وتردد الوسيط الأمريكي المنحاز كلياً لاسرائيل، وهكذا فقد عزم الفلسطينيون أمرهم وقرروا التوجه إلى مجلس الأمن الدولي غداً الأربعاء لعرض مشروع انهاء الاحتلال الاسرائيلي واقامة الدولة الفلسطينية على الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس.
التحرك الفلسطيني مدعم بالجهود العربية التي شكلت لجنة وزارية برئاسة الشيخ صباح الخالد الصباح وزير خارجية الكويت والجهود الأوروبية التي تقودها فرنسا وترى العديد من الدوائر السياسية الدولية والعربية بأن هناك أملاً كبيراً بأن تفلح هذه الجهود في تحقيق اختراق سياسي لمسألة انهاء الاحتلال، خاصة إذا ما نجحت جهود التنسيق الدبلوماسي العربي مع الأوروبيين وقدرتهما معاً في تحييد الموقف الأمريكي، إذ يرى الكثيرون أن الاجتماعات مع كيري سواء من قبل لافروف وزير خارجية روسيا وصائب عريقات مسؤول ملف المفاوضات الفلسطيني هدفها اقناع الولايات المتحدة الأمريكية بعدم استعمال (الفيتو) لاسقاط المقترح الفرنسي المدعم بالتأييد العربي، ولذلك سيشارك الأردن بوصفه العضو العربي في مجلس الأمن في تقديمه إلى مجلس الأمن الدولي، خاصة وان مشروع القرار يعتمد على مقترح الرئيس الأمريكي أوباما باقامة دولتين فلسطينية واسرائيلية وانهاء الاحتلال الإسرائيلي خلال عامين من تاريخ اعتماد مشروع القرار.
هذه المرة قد تكون هناك فرصة لفرض تحرك جاد ينهي مراوغات إسرائيل، أما إذا أصرت أمريكا على استعمال (الفيتو) لاسقاط هذا الأمل، فإنها لا شك تشارك إسرائيل في مراوغاتها وتدميرها لسلام المنطقة.