- لكل عصر من العصور قنواته وآلياته التثقيفية.. ولا شك أن من أهم آليات التثقيف في عصرنا هذا ما يطلق عليه «قروب الواتس أب».. فبعضها يستحق لقب مدرسة بحق.. فهي تلفت انتباهك وتثير اهتمامك وتجعلك تفكر وتدفعك لاتخاذ مواقف وتصحيح مفاهيم.. كما تضيف لك معرفياً وقبل كل هذا تسليك في أوقات الانتظار أو الوحدة.. وكل مجموعة تكون مكونة عادة من خليط من العقول والثقافات.. فيها المتفوق والجيد والرديء والساذج والفاحش والجريء والمتهور والمذعور والمرتاب.. إلخ.
- بعد دعوة مؤسسة الجزيرة الكريمة لكتاب الصحف السعودية في حفلها السنوي في دبي.. أتيح لنا الالتقاء الشخصي بالعديد من الزملاء الذين لم نكن نعرفهم إلا على ورق الصحف.. وسعدنا بالتعرّف على كثير منهم.. بعد العودة قام الأستاذ محمد أبا الخيل بتكوين مجموعة أسماها «ديوان الكتاب» تضم كثيراً من زملاء الرحلة وآخرين تم ترشيحهم.. المهم أن هذه المجموعة عامرة بالمشاركين.. بعضهم شارك كثيراً وبعضهم قليلاً ومنهم من لم يشارك بعد ومنهم من خرج وعاد ومنهم من خرج ولم يعد.. وحيث إن الطبع يغلب التطبع فإن مشاركات الكتاب كانت غزيرة جداً ففي اليوم الواحد قد تأتيك أربعمائة رسالة.. من هنا أتقدم لكل الزملاء في كل «القروبات» التي أشترك بها بالأماني التالية:
- أرجو وآمل ألا تكون الرسائل وعظاً روتينياً.. فقد وصلت إلى سن لم أعد معه بحاجة إليها.. ولا أريدها تأليبية فهذا عمل الحمقى.. ولا أريد صورة كوب قهوة مكتوب عليه «صباح الخير».. ولا صورة وردة حمراء مكتوب عليها «مساء الخير».. ولا مباركة لي بيوم الجمعة بدعاء مسجوع أجزم أنه لم يقرأه.. وألا تكون المعايدة صورة، بل نصاً قصيراً.. أيضاً إذا كان عدد المشتركين في المجموعة كبيراً فأحب ألا تكون المشاركة إلا بشيء ذي قيمة ومعنى.. وأن يكون مختصراً ولا تُرْسَل مقاطع الترفيه.. وأن تكون المشاركات في حدود الغرض من تكوين القروب.. ففي تبادل الرسائل عبر (الواتس أب) كلٌّ يقدم نفسه بتفكيره وذائقته ورغباته ونوع مصالحه ومقاصده واهتماماته وعمق فكره أو سطحية تفكيره.. بل وحتى نفسيته.. من هنا يفترض أن تكون الاختيارات بفهم وذات معنى يعكس الجوانب المذكورة وإلا سوف يمد بعض أعضاء القروب أرجلهم أمامك.
- أخيراً: قد يُفْرض على بعضنا الاشتراك بقروب أصدقاء قدامى أو أهل.. لكنه ربما لا يجد نفسه معهم ذهنياً.. وفي نفس الوقت لا يستطيع أن ينسحب من المجموعة بداعي الإحراج.. كما قد يجد بعضنا نفسه في قروب آخر هو الراقص الوحيد وهذا محرج.. فما العمل؟.. أفتوني أثابكم الله.