يبدو أن الرئيس باراك اوباما ضاق ذرعا بالحرب القذرة، والتي يقودها ضده أشرس أقطاب الحزب الجمهوري، وعلى رأسهم ديك تشيني، نائب الرئيس السابق، جورج بوش الابن، وتشيني صقر شرس، قليل الحديث، ومقطب الحاجبين دوما، وهو أحد أقطاب المحافظين الجدد، الذين يؤمنون بنظرية الحكم التي أسسها المفكر، ليو شتراوس، والتي تقول: «كزعيم، ليس بالضرورة أن يحبك الناس، فالأهم هو أن يخافوك!»، وهي المقولة التي استلهمها تشيني، ولقنها لرئيسه بوش الابن، ومعهم ثالث الأركان، دونالد رومسفيلد، وأمير الظلام، ريتشارد بيرل، والداهية الصامت، بول وولفويتز، ولوري مايلوري، وغيرهم ممن يطلق عليهم عصابة المحافظين الجدد، وهي العصابة التي حكمت الولايات المتحدة، وأرعبت العالم أجمع، بعد كارثة الحادي عشر من سبتمبر!.
في رد فعل مضاد، ودفاعا عن الرئيس اوباما، على ما يبدو، أطلقت لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، وبجهد كبير من رئيسة اللجنة، الديمقراطية عن ولاية كاليفورنيا، السيناتور ديانا فينيستاين تقريرا عن تعذيب ممنهج مارسته وكالة الاستخبارات المركزية، في عهد الرئيس بوش الابن، والتقرير مرعب، ولذا فقد صرحت السيناتور فينيستاين أنها، وزملاءها الديمقراطيين، لاقوا ضغوطات مهولة من وكالة الاستخبارات المركزية لحجب التقرير!!، وأن الوكالة دفعت أكثر من أربعين مليون دولار في سبيل إعاقة نشره!!، وقامت بأعمال تجسسية على مكاتبها، ومكاتب زملائها!!، ومع ذلك فقد صمدت السيناتورة القوية، وجابهت أعتى وكالة استخبارات على مستوى العالم، ولم يكن لدى الجمهوريين من خيارسوى تبرير ممارسات التعذيب، وهي المهمة التي تصدى لها،كالعادة، ديك تشيني!.
قال تشيني، في لقاء مع برنامج «واجه الصحافة»: «إن ما حصل مع معتقلي تنظيم القاعدة لم يكن تعذيبا، بل ممارسات لأسباب طبية!!»، واعترف تشيني بعلم الرئيس بوش الابن عن التعذيب، وقال: إن ذلك لم يكن تعذيبا، فالتعذيب الحقيقي هو ما مارسته القاعدة في ضربها لبرج التجارة العالمي، وقتل أكثر من ثلاثة آلاف إنسان، كما أكد المعلقون أن مجموعة لا بأس بها من مساعدي الرئيس، بوش الابن كانت تعلم عن التعذيب، من ضمنهم المستشار القانوني لبوش، البرتو قونزالس، ومستشارة الأمن القومي، كونداليزا رايس، ونائبها، ستيفن هادلي، ووزير العدل، جون ااشكروفت!!، ومجموعة من محامي وزارة العدل!!، ما يعني أن التعذيب كان عملا ممنهجا في فترة الرئيس بوش الابن!، وكان لافتا أن يسأل الإعلاميون الأمريكيون كل من له صلة بملف التعذيب عما إن كان للتعذيب دور في معرفة مكان ابن لادن، ووبالتالي قتله، ما يوحي بأنه ليست لديهم مشكلة في ممارسات التعذيب، طالما أنها ساهمت في القضاء على ابن لادن!!، وفي النهاية، لا بد أن نعترف بأن أمريكا كانت في مرحلة عدم توازن، بعد أحداث سبتمبر، إذ كانت أسدا جريحا يبحث عن خصم لينتقم منه، وبالتالي فإن ممارسات التعذيب، في تلك الفترة، وإن كانت غير مبررة، إلا أنها كانت سلوكا يشبه تلك الفترة الحرجة في التاريخ الأمريكي، ولولا هجوم الجمهوريين على اوباما لما فتح الديمقراطيون هذا الملف المؤلم، والذي يسيء للديمقراطية الأمريكية العريقة، ويجرح كبرياء زعيمة العالم الحر!!.