اثنين | ثلاثاء | أربعاء | خميس | جمعة | سبت | أحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 |
8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 |
15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 |
22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 |
29 | 30 | 31 | 1 | 2 | 3 | 4 |
5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 |
لقد خُلِقَ في هذه الحياة الإنسان الذي أودع الله فيه أسراراً عجبية، ولما فيه من أمور، جعله هو نفسه: سراً من أسرارها يجب عليه أن يوجه هذا السر لما ينفعه في دنياه وأخراه.
فلا يظن أن وجوده عبثاً، حيث يضيع مهمته الأساسية، كما قال سبحانه: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون الآية 115]،
فتعالى الله سبحانه عن العبث، وإنما خُلق الإنسان لمهمة أكبر، وهي عبادة الرب سبحانه.
وكما جاء في الإسرائيليات: «ابن آدم خلقتك لأجلي فلا تلعب، وخلقت كل شيء لأجلك فلا تتعب».
ومن ذاكرة الإنسان، يجب عليه أن يدرك المهمة التي خُلق لها، وهي عبادة الله سبحانه، وسخر جهده لها، ولا يكلف الله الإنسان إلا بجهده وطاقته.
وقد كلّف هذا الإنسان بطاعة ربه، وشكره سبحانه، فهو جل وعلا يعطي الكثير ولا يطلب من عباده إلا القليل وهذا في المقياس هو عبادته جل وعلا على الوجه الذي يرضيه: لسانياً بالذكر، وعملياً بقدر الطاقة، لأن الله يعلم ضعف الإنسان ومقدار طاقته، ولم يكلف إلا بطاقته سبحانه.
وأعطى الله سبحانه هذا الإنسان: قدرة محدودة، فلم يكلفه بغير طاقته، فالله جل وعلا يقول: {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} (7) سورة إبراهيم.
وهذا الشكر له حالتان: اعتقادي بالقلب وعملي بالجوارح. ومنها اللسان والله سبحانه أعطى الإنسان عقلاً ليعبده على ما يرضيه سبحانه: بالجوارح: اليد إنفاقاً، والرجل سعياً في الخير، وأوجه الخير كثيرة، تشارك فيها الجوارح: باللسان شكراً لله، وباليد إنفاقاً وبذلاً للمحتاجين، وباللسان تعبيراً ودلالة على الخير وذكراً، وإن مما يلفت النظر، ويوجب الاهتمام أن الإنسان عنده مستودع في ذاكرته في استحضار ما مرّ عليه مهما طال الزمن، لأن الله وهبه أشياء كثيرة، ويستحضره عند الحاجة في الذاكرة فإذا فقدت هذه الذاكرة، سُلب معها النفع لنفسه ولمجتمعه فأصبح بلا عقل.
إن هذه الذاكرة، باختزانها للمعلومات ثم بسرعة استرجاعها من عجائب وأسرار هذا الجسم البشري ولا نجد تعليلاً للذاكرة أو تفسيراً ظاهراً، إلا بأنها بتقدير العزيز العليم الحكيم الذي أبدع الكون وأحسن كل شيء خلقه.
ولقد وُهِب فئات من البشر جاء في سير كثير منهم في تاريخنا الإسلامي، بأن منهم من كانت ذاكرته قوية، وقدرته في الحفظ، من المواهب التي اختص الله بها الجسم البشري هبة من الله، تزداد بالمراس، مع المحافظة، وبتعويد النفس على الارتباط بما تدخر من مخزون ومع العقيدة الصافية، والاعتماد على الله، أساس من أساسات تنمية القدرة، على هذه الصنعة، التي يمنحها الله من يشاء من عباده، فهي موهبة من الله لمن علم الله منه الصدق. فالإمام الشافعي رحمه الله، قد اشتكى إلى شيخه وكيع، ضعف ذاكرته، وقلة حفظه في قوله:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي
فأرشدني إلى ترك المعاصي
وقال اعلم بأن العلم نور
ونور الله لا يؤتاه عاصي
فالرجال الأوائل، من علماء الإسلام: قد علم الله منهم الصدق، فأعطاهم: قدرة على الحفظ، ومحافظة على العلم تحصيلاً ثم نشره عند الراغبين فيه، وقد مكّن لهم ما يؤصل هذا الكنز أمثال: الشافعي والبخاري وابن تيمية وغيرهم، ممن حَسُنَت نواياهم، وعلم الله منهم الصدق في القول والعمل.
وأصّلوا ذلك بالتفرغ والملاحظة وملازمة حلقات العلماء، والإلحاح بالسؤال في كل مكان، ويضيق هذا الحيز عن تعدادهم، وضرب النماذج، وهم في تاريخ الإسلام كثير. علم الله منهم الصدق، وهيأ الله لهم الأسباب، لأن الملازمة والمثابرة مما يفتح الله بها الأبواب العلمية التي يراها بعضهم مغلقة. وقد حرص العلماء الأوائل، بأن يعينوا طلابهم الجادين والمجتهدين بما يفتح لهم كل باب انغلق أمام طالب العلم الجاد، ذلك أن سرعة استرجاع المعلومات من أسباب ترسيخ العلم في ذاكرة طالب العلم تدريجياً حتى ينمو العلم بالحفظ والاعتماد على الله أولاً، والمثابرة مع حسن النية، والمطعم الحلال، والابتعاد عن المعاصي وإخلاص النية.
فإن سرعة استرجاع المعلومات من ذاكرة الإنسان، سر عجيب من أسرار النفس البشرية، وصدق صاحبها مع الله وطلب منه سبحانه بأن تنشط ذاكرته على مهمة الحفظ فإن الله يعين الذاكرة في هذه الحالة تنشط، ويذهب الفتور وعدم الاهتمام، فإن الذاكرة في هذه الحالة تنشط ويزول عنها ما يعتريها من الضعف والكسل لأن الاستيعاب، وخاصة إذا صرف الإنسان المعني جسمه عن الاهتمام، أو من تقدم السن، أو عدم المبالاة، أو شغل الذهن بأمر آخر، وانصرف عما هو مهم، فإن الذاكرة في هذه الحالة كالإناء الذي فيه متسع لغير الماء، فإذا أدخل على هذا الماء شيئاً من السوائل، فإن الماء ما زجته مع سائل آخر، غير طبيعة هذا الماء أفسده، كما يقول أصحاب الاختصاص، بأن الماء يفسده ما يضاف إليه عن ما هيته المقصودة له، ومن هنا ينصح الناشئة بحفظ القرآن الكريم، وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لتبقى ذاكرة الشباب نقية ومتهيئة للمهم قبل غيره ولا شك أن حفظ القرآن الكريم والسيرة المطهرة أفود من ملئه بغيرها.
كما أن المثل يقول: إنما السائل من لون الإناء، وكل شيء أضيف إليه شيء آخر ليس من جنسه فقد يفسده، فالذاكرة يجب أن تكون صافية ونقية، حتى لا يفسدها الممازج لها، إذ الذاكرة الصفية والنقية، يجب أن تكون متهيئة للشيء النافع لصاحبها وأن يحرص صاحب الذاكرة النقية، أن تكون متهيئة لما فيه النافع كما يقول الشاعر:
إذا مر بي يوما ولم اتخذ يداً
ولم أستفد علما فما ذاك من عمري
فالذاكرة النقية، تقوي بما يمازجها من كل نافع، لكنها تتأكسد وتخمل كالزجاجة التي يبرز لونها، بلون الإناء الذي فيه المادة السائلة، ذلك أن الذاكرة في نموها ونفعا، وهذا يكون بحسن اختيار صاحبها لما يراه نافعاً ومفيدا، حتى لا تتأكسد ويضيع نفعها.
وقد يتعجب الواحد منا، عندما يدخل قسم المحفوظات في دائرة، أو شركة كبرى من الشركات، ويرى الاهتمام بقسم المخطوطات، وما فيها من معلومات، وتنظيمها لسهولة الرجوع لكل حالة تمر، حيث ضمت المعلومات ذات الأهمية إلى بعضها بالتجانس، لسهولة الرجوع إلى كل شيء مهم بسهولة حسب التنظيم والتبويب والتصنيف، تحسباً لأي حالة تطرأ، أو لأي سبب آخر، يهم العمل.
ونحن نجد في أجسامنا ما هو أغرب من ذلك، لأنها نعمة من الله، ينتظم بها مسيرة عملهم، فهي نعمة من الله جل وعلا، امتن بها على بني آدم، فعليهم رعايتها.
اثنين | ثلاثاء | أربعاء | خميس | جمعة | سبت | أحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 |
8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 |
15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 |
22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 |
29 | 30 | 31 | 1 | 2 | 3 | 4 |
5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 |