لكي نعرف أن شخصاً ما مريض، يجب أن نقيس درجة حرارته. أنت كيميائي يا دكتور محمد آل هيازع، وتعرف جيداً كيف يمكن أن يؤثر خللٌ بسيط في آلية عمل الجسد، على الجسد كاملاً.. ولكي أعطيك جهازاً لقياس حرارة عمل المستشفيات، سأقودك إلى عمليات زراعة الأعضاء من متوفين دماغياً.
المتوفى دماغياً في حادث، يصل للطوارئ.. وحين تُعلن وفاته الدماغية، يتم نقله للعناية المركزة، لإبقائه على الأجهزة، حتى يتم الحديث مع عائلته عن موضوع التبرع.. ولنفترض أن العائلة وافقت، سيتم طلب المحتاجين للأعضاء حسب قائمة المركز السعودي لزراعة الأعضاء، ثم تتوالى الإجراءات، من مطابقة الأنسجة وحتى عملية الزراعة.
سأطلب منك دكتور محمد أن تطلب ملف زراعة الأعضاء، لأنه سيكشف إلى أية درجة نجحنا في خلق مناخ طبي قادر على العمل بشكل جماعي، بهدف الاستفادة من أعضاء تم التبرع بها، لإنقاذ مرضى يعانون من الفشل القلبي أو الكبدي أو الرئوي أو الكلوي.. وهنا، لا تستمع للمستشفيات، فهي مرة أخرى تريد تحقيق نجاحات تلفزيونية وصحفية، استمع للمركز السعودي لزراعة الأعضاء، لأنه هو الذي يعاني بشكل حقيقي. الأعضاء لديه في حافظة ثلجية، والمرضى ينتظرون بلهفة للنجاة من الموت، والمستشفيات «أحر ما عندي، أبرد ما عندك»!!
أنا ألمح إلى أن الخلاص الفردي في مستشفياتنا صار هاجساً. الكل يريد أن ينجو بنفسه، وأن يهرب من المسؤولية. الكل يريد أن يبرز في الإعلام، على أساس أنه الأفضل. أمامك أصعب التحديات؛ أن تجعلهم على قلب رجل واحد، رجل لا يهمه سوى خدمة المريض.