فاصلة:
«إن الحكم عن طريق الأوصياء البديل الدائم للديمقراطية»
- روبرت دال في كتابه (الديمقراطية ونقادها)
أحدِّثكم اليوم عن الوصاية، وهي مجموعة مفاهيم كفيلة بإفساد الحياة الجميلة؛ ففي تعاريفها تتضح معنى الهيمنة.
في السياسة يمكن فهم الوصاية كما جاء في تعريف «موسوعة السياسة» بأنها عبارة عن «نظام اعتمدته هيئة الأمم المتحدة.. من أجل إدارة الأقاليم التي تخضع لهذا النظام بمقتضى اتفاقات فردية لاحقة وللإشراف عليها.. والعمل على إعداد الأقاليم وشعوبها لبلوغ الحكم الذاتي أو الاستقلال..».
ويمكن فهم الوصاية كما وردت في كتاب (المنجد في اللغة العربية المعاصرة)، الذي ذكر الفعل وصى بمعنى: «من يتولى شؤون قاصر: وصي على يتيم، وصي شرعي، قام بدور وصي.. وصي معين قانونياً بطريقة قضائية، وصي على عرش، يتولى الملك بالوصاية عن قاصر..».
لكن هناك وصاية تشير إلى الهيمنة العاطفية، وهي التي أسميها وصاية عاطفية؛ إذ إن أحد الطرفين - وهو عادة الأقوى - يتوقع أن الطرف الآخر يحتاج إلى من يرتب له حياته، ويهتم بشؤونه، وتدريجياً يحاول سلبه إرادته، ويحدث الصراع.
يفعل ذلك البعض مع أولاده؛ إذ يسلبهم حقهم في التعبير، ويضغط عليهم للنظر إلى الأشياء الخارجية من خلاله، ثم يتساءل إذا كبروا: كيف لا يجيدون مهارة اتخاذ القرار أو تحمل المسؤولية؟
ومن أخطر أنواع الوصاية ما يمارَس في المؤسسة الزواجية، حين يمارِس الزوج سلطته بالنظر إلى الزوجة على أنها قاصر متيقناً أنه الأقدر على ترتيب حياتها دون اهتمام بإرادتها.
كذلك تمارس الزوجة الوصاية على الزوج من خلال الإفراط في التدخل في شؤونه، والنظر إلى أنها مسؤولة عن تصرفاته وقراراته، تفعل ذلك تحت مظلة العاطفة.
في كل الأحوال، فإن الوصاية كمفهوم إن مورست في أي علاقة فإنها تقتل الحرية، ويلبس أطراف العلاقة قيوداً غير صحية، ومتى ما اختفت الحرية فقد فقدت العلاقة قدرتها على الحياة.