فاصلة:
( ترتكز الحضارة أساساً على تقليص العنف)
- كارل بوبر -
تشير إحصائيات أشرفت عليها ونشرتها وكالة الأنباء العالمية رويترز عام 2012م، إلى أنّ السعودية تحتل المرتبة الثالثة بين 24 دولة في قضايا التحرش الجنسي في مواقع العمل.
وتبيّن من خلال الدراسة التي شملت 12 ألف امرأة من دول مختلفة، أنّ 16% من النساء العاملات في السعودية يتعرضن للتحرش الجنسي من قِبل مسؤوليهنّ في العمل.
بينما تصل نسبة التحرش في ألمانيا إلى 5%، بريطانيا 4% وإسبانيا 6% والسويد تحتل المرتبة الأخيرة بنسبة لا تزيد على 3%.
وسؤالي إلى مجلس الشورى الذي سحب قانون مكافحة التحرش بعد خمسة أشهر من عرضه لماذا ترتفع نسبة التحرش لدينا وتنخفض في المجتمعات الغربية؟
لعل الجواب علمياً هو الأصدق، فقد نشرت جريدة الرياض في عددها الصادر 6 يناير 2014 دراسة استطلاعية حديثة أصدرتها وحدة استطلاعات الرأي العام التابعة لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، أرجعت أسباب حالات «التحرش الجنسي» في المجتمع السعودي إلى ضعف الوازع الديني لدى القائمين بهذا العمل، بالإضافة إلى عدم الإسراع في تطبيق عقوبات رادعة بحق المتحرشين.
وأظهرت الدراسة الحديثة التي كشف مركز الحوار الوطني عن نتائجها، أنّ 91 % من المشاركين فيها يرون أن ضعف الوازع الديني هو أحد الأسباب الرئيسة للتحرش الجنسي في المجتمع، وأنّ 76% من المشاركين يرون أنّ عدم وجود الأنظمة التي تحد من التحرش يؤدي إلى ازدياد الحالات في المجتمع، وأنه ليس هناك عقوبة تعزيرية منصوص عليها وواضحة تحدد مقدار عقاب أو جزاء كل تصرف أو سلوك خاطئ قد يلحق الضرر بالآخرين.
إذن ما هي مبررات مجلس الشورى في سحب قانون مكافحة التحرش؟
من حق المواطن أن يعرف مبررات مجلس الشورى، حيث إنّ المبرر المتداول الموسوم بالسطحية لا يليق بمجلس شورى قدير.
المبرر القائل بأنّ قانون مكافحة التحرش سوف يزيد الاختلاط، يشبه قولنا إنّ السجون ستزيد من ارتكاب الجريمة وهو مبرر لا يرتقى إلى تفنيده.
ويبرز سؤال آخر كيف نعالج الواقع حالياً إذ إنه حسب الدراسة السابقة، فإنّ ظاهرة التحرش الجنسي أخذت أشكالاً عدة، وتعدّت حدود السلوك المعتدل الذي لا يتضمّن أي لمس لجسم الضحية إلى التحرش واللمس رغماً عن الضحية، بمعنى تجاوز حدود ما يسمّى بـ»المعاكسات» إلى العنف والتعدي الجسدي أمام المجتمع.
هل من جهة مسؤولة تتبنّى علاج هذه الظاهرة، أم أن الواقع سيظل كما هو عليه وتحرم المرأة من حقها في الحماية من الإيذاء؟
برأيي أنّ مجلس الشورى معني بكل قضية تصل إليه وعليه أن يتعامل بوضوح وشفافية مع الرأي العام، حيث إنّ تنصله من مناقشة أي قضية يسيء إلى صورته الذهنية في المجتمع.