وأخيراً رقد (محمد السالم الراجح) وأسلم روحه لبارئها. مطمئناً - إن شاء الله- على أنه شارك الناس همومهم وانتصاراتهم وانكساراتهم.
يدفعه إلى ذلك إيمان عظيم بأهمية تعاضد أبناء الوطن وتضامنهم وكان - رحمه الله- مثالاً، وقدوة، ويملك (كاريزما) القائد والكابتن والمشجع، لن تجد من يكره محمد الراجح، فهو لم يعط ِ للآخرين فرصة لكراهيته، وهو عاش للحب ومات مالئاً أرواحنا بالدعاء لهذا الإنسان الذي انطلق من الرياضة ليملأ الدنيا حباً وإخلاصاً.
كابتن نادي الجبلين اللاعب المعجزة في الوسط وصانع أغلب انتصارات الجبلين.
وفيما بعد أصبح الصوت الذي يجبر الجميع على الاستماع له حيث لا يقول إلا (الحقّ) وإن كانت هذه الميزة قد جلبت له معارضين في مجلس إدارة نادي الجبلين بسبب أن الجميع كان يعتبر حديثه كلام العقل والواقع وحديث الذي يقرأ ما تحت السطور ويملك حكمة الرجال الفرسان.
قال لي - رحمه الله- ذات مصارحة عميقة وفي ظروف مرّت بي من المرض (يا جار.. أنا أفكر بك وأقول إن سنتين من جحود الجبلاويين لي قد كسرت أشياء بقلبي وأقول: يا حبيّبي يا جارالله ! كيف تحمل جحود ثلاثين عاماً من الوسط الصحفي والثقافي؟!) وانفعلت وقلت له أنت يا أبا سالم لا يمكن للجبلين ولا لغيره أن يكسر قلبك الجميل، لأنك حينما أسست النادي كانت همومك أكبر من احتمالهم فأنت رجل المهمات الصعبة.
وفيما يخص العلاقة المتفردة التي تجمع (الهلال) الكبير بالجبلين تسير بمباركة الهلالي الأكبر محمد الراجح. فلم أنس مرة أن صاحب السمو الملكي الأمير هذلول بن عبدالعزيز قد جاء إلى (حائل) ليقول للجبلاويين أنتم أشقاء الهلال شئتم أم أبيتم.
وبقدر حبي للهلال فإني أشهد الله أنني لا أرضى أن يكسر خاطر محمد الراجح! اختلفوا معه لكنه حين تشتد الأزمة اسمعوا ما يقول أبو سالم!
وحين يقول هذلول النبيل والذي يمنح الهلال حبه الذي لا يتبعه مناً ولا أذى هذا الكلام عن محمد الراجح، فإن هذا توثيق لمسيرة رجل موهوب ونبيل وكريم ومقدام.
إنني حزين إلى درجة أنني أكتب مخضلاً بالدموع.
وغريب لأنني افتقدت رجلاً كان مثل أبي.
رجلاً لم تخضعه الكرة لألاعيبها وظل رجلاً يمنح الكرة عطر الوطن. وكرجل يفتك بي حب الوطن فاعذروني، لأن فقدان محمد الراجح سيكون عاماً. سيشعر الحائليون بالفقدان.
ولكن عزاءنا أننا لم نفتقده إلا بعدما عرفنا قيمته ومعدنه.
رحمك الله أبا سالم. وأمطر قبرك بشآبيب رحمته. وأسكنك جنته التي لم تغفل عن الحلم بها.
ومعذرة إن كنت قصّرت في حقك. وأدري أنك من الرجال المتسامحين ومن النبلاء الذين إذا سقطوا بكتهم خيلهم وسيوفهم.
فنم. في رضا الله.