دخلت المعارك في ليبيا منعطفاً خطيراً بعد تصاعد العنف الدامي، الذي تحوَّل إلى الذبح والقتل على الهوية، بعد استهداف المقاتلين أبناء القبائل الذين يقاتلون ضمن صفوف الأطراف المتنازعة. وشكَّل مقتل 14 مقاتلاً من قبيلة فرجان ناقوس خطر يهدد ليبيا وقبائلها. وقد سارعت قيادات من مدينة مصراتة إلى تطويق الفتنة التي أشعلتها حادثة مقتل الجنود الأربعة عشر من أبناء مدينة سرت، المنتمين إلى قبيلة فرجان. وتوجه وفد من مدينة مصراتة، يضم أعيان وشيوخ قبائل، إلى سرت لتطويق حادثة قتل مليشيات فجر ليبيا الجنود الذين كانوا يحرسون محطة الكهرباء البخارية. وقد سلطت المجزرة الأضواء على ما تقوم به المليشيات التي تنتمي إلى التيار الذي يرفع لواء الإسلام السياسي، والمقصود به الإخوان المسلمون، وهو ما أثار قلقاً كبيراً في صفوف القيادات الإسلامية التي تسيطر على غرب ليبيا، وسارع المؤتمر الوطني (المنتهية ولايته) والحكومة الموازية برئاسة عمر الحاسي إلى التنديد بالجريمة، والتعهد بفتح تحقيق لملاحقة الجناة ومعاقبتهم.
ورغم أن مدينة مصراتة أرسلت وفد الأعيان إلى سرت، التي تشكّل قوات (فجر ليبيا) التي يهيمن عليها الإخوان المسلمون، لتعزية مدينة سرت التي ينتمي إليها الجنود الضحايا، إلا أن الليبيين أخذوا بالابتعاد عن المليشيات المؤدلجة، التي أخذت تحاول السيطرة على آبار ومواقع إنتاج البترول ومستودعات الوقود ومحطات الكهرباء. ومن أجل محاصرة الحكومة الشرعية وإفشال مجلس النواب وحكومة بن ثني فقد هاجمت مليشيات فجر ليبيا المواقع البترولية، وأصاب صاروخ من نوع جراد صهريجاً لأحد الخزانات البترولية؛ ما أشعل النيران في الخزان، التي سرعان ما امتدت إلى خزانين آخرين؛ وهو ما أشعل حرائق ضخمة، جعلت الليبيين يتهمون فجر ليبيا بأنها تحرق ثروة ليبيا، وهي ثروة الأجيال، ولا تخص مجلس النواب أو حكومة بني ثني. ويرى المراقبون أن مليشيا فجر ليبيا، التي تعاني من سلسلة هزائم أوقعها بها الجيش الوطني الليبي، تحولت إلى المنشآت البترولية، وصنع ما يطلقون عليه في ليبيا بـ(الهلال النفطي)، لخلق حرب ضاغطة على الحكومة؛ حتى توقف هجماتها، وتحصل على ورقة تفاوضية في المؤتمر الذي من المقرر أن يعقد في 5 يناير داخل ليبيا. ومع أن هذا المؤتمر تشوبه الشكوك في أن يتم عقده في هذا التاريخ، وأن هناك موعداً بديلاً آخر هو العاشر من يناير، وأن ينقل إلى سويسرا، إلا أن المليشيات المرتبطة بالمجلس الوطني والحكومة المنتهية ولايتها وجماعة الإخوان المسلمين يعملون على تقوية موقفهم التفاوضي، من خلال ارتكاب مجازر فظيعة، مثلما حصل للجنود الذين كانوا يحرسون المحطة الكهربائية، ومحاولات حرق مستودعات وآبار البترول.