من غرائب الأخبار، التي تشعر وأنت تقرأها، بأنك تقرأ خبراً سوريالياً، ما نشرته صحيفة الوطن من أن عدداً من لجان مراقبة الأراضي وإزالة التعديات في بعض مدن المملكة قد رفعت تقارير لإمارات المناطق تحذّر فيها من تعدي «لصوص الأراضي» على عدد من المواقع الخاصة بوزارة الإسكان، وذلك من خلال تسجيل محاضر ميدانية تؤكّد فيها تعرض أجزاء من أراضي الوزارة للتعدي من هؤلاء اللصوص!
عوداً إلى موضوع لصوص الأراضي كما تصفهم الصحيفة، وهم قوائم معروفة لدى إمارات المناطق، تعودوا على التعدي على ممتلكات الدولة، وهي الأراضي التي تمتلكها الدولة، سواء عبر الأمانات أو وزارة الإسكان أو غيرهما، خاصة في الأراضي الواقعة على أطراف المدن، ولكن الأغرب في مثل هذا الخبر، أن هذه اللجان قامت، قبل عام تقريباً، بتزويد إمارات المناطق بقوائم أسماء أشخاص سجّلت ضدهم مخالفات تكرار التعدي على أراضي الدولة، أو إقامة وبناء أحواش في أراض بيضاء بهدف تثبيت تملكها دون وجه حق، تمهيداً لاستخراج حجج استحكام عليها، أو بيعها على المواطنين بدعوى قيامهم بإحيائها إحياء شرعياً.
فهل يعقل أن يتكرّر هذا الاعتداء، ومن الأشخاص أنفسهم، ولا يُتخذ ضدهم إجراءات وعقوبات صارمة؟ إن التهاون ضد هؤلاء المتهاونين يعني استمرارهم في التعدي على أملاك الدولة!
إن لجان التعديات، ليست جديدة، لكنها في زمن الشفافية تملك الحق في الملاحقة، والإفصاح عن هؤلاء المعتدين، والمطالبة باستدعائهم وإحالتهم إلى هيئة التحقيق والادعاء العام تمهيداً لمعاقبتهم، فلا يكفي مراجعة الصكوك المسجلة بأسمائهم فحسب، بل يجب إعادة كل صك غير شرعي، وغير سليم، إلى أملاك الدولة فوراً، ومحاكمة الفاعلين ومعاقبتهم بقوة.
علينا أن ندرك أن استعادة الأراضي فحسب من هؤلاء المعتدين، دون إيقاع العقوبة بهم، سيجعل الأمر سهلاً عليهم، وعلى غيرهم ممن يخططون للثروة السريعة، ودون عناء، وسيستمر الاعتداء على أملاك الدولة، لسنوات قادمة، وستستمر لجان التعديات قائمة، وهي تحذّر وتحذّز، وترفع التقرير تلو التقرير، دون أن يقطع ذلك الأمر كله!