يصف العديد من المسؤولين بأن القطاع الخاص شريك أساسي في التنمية الوطنية والتي يقودها القطاع العام ويحرص على تشجيع القطاع الخاص وتحفيزه لزيادة مشاركته في عملية التنمية وتمكينه من المساهمة فيها
من خلال تقديم العديد من البرامج والامتيازات التي تمكن القطاع الخاص من الاستفادة منها للاستثمار والمنافسة.
كما تسعى العديد من الحكومات إلى تطوير القطاع الخاص والقيام ببعض الإصلاحات من قبلها لتحسين مناخ الاستثمار دعماً لمسيرة التنمية من جانب والمساهمة في خلق المزيد من فرص العمل وخفض معدلات البطالة من خلال مشاركة القطاع الخاص.
وقد أكدت كلمة خادم الحرمين الشريفين (حفظه الله) والتي ألقيت بمناسبة صدور الميزانية السنوية لهذا العام (بأننا متفائلون من أن النمو الاقتصادي سيستمر بإذن الله مدفوعاً بنشاط القطاع الخاص واستمرار تعزيز التكامل بين القطاعين العام والخاص ومواصلة تحسين أداء القطاع الحكومي.....)، فلا جدال بأن القطاع الخاص اليوم هو شريك استراتيجي رئيسي في مسيرة التنمية.
إضافة إلى ماسبق فإن الدولة تحرص على تحفيز القطاع الخاص على المساهمة الفعالة في الاقتصاد الوطني والتنمية من خلال تقديم البرامج الاقتصادية التي تكفل تهيئة البيئة المناسبة والملائمة لعمل القطاع الخاص بإعتباره محوراً للتنمية المستدامة والشاملة، كما تسعى إلى فتح المجال أمامه وتقديم المزيد من الفرص التجارية والاستثمارية لنموه والمساهمة في إيجاد المزيد من فرص العمل، فالحكومات اليوم تسعى إلى وضع التشريعات وسن القوانين وتوفير بيئة محفزة وإسناد مهام التنمية لشركات ومؤسسات القطاع الخاص بدلاً من القيام بها بذاتها حرصاً منها على البعد عن البيروقراطية الحكومية والتي قد تكون عائقاً لتحقيق العديد من الأهداف التنموية.
هذا التوجه الإيجابي العام للدولة إتجاه القطاع الخاص والذي يتردد في الكثير من وسائل الإعلام والمحاضرات والندوات نجده يتعارض تماماً مع مانراه اليوم على أرض الواقع فقد حرصت بعض الجهات الحكومية على سن القوانين والتشريعات وإصدار اللوائح التنفيذية وغيرها من الأنظمة الأخرى التي ساهمت في تقييد القطاع الخاص والحد من قدراته وتطوير خدماته، كما ساهمت بعض وسائل الإعلام في إبراز القطاع الخاص بشكل عام وبدون استثناء وكأنه وحش شرس يحرص على أن يمص دم المواطن ويستولي على أمواله بكافة السبل المشروعة وغير المشروعة مما ساهم في تشويه صورة هذا القطاع على مستوى المملكة وحدوث فرقة بين فئاته واعتبار التجار لصوصاً ومجرمين في الأساس بدلاً من أن يكونوا مواطنين.
وعلى الرغم من وجود بعض الشركات والمؤسسات في القطاع الخاص والتي لاتساهم في مسيرة التنمية ولاتحرص على دعم الاقتصاد الوطني أو توفير فرص عمل لشباب الوطن وتقوم بالعديد من الممارسات الخاطئة مثل رفع الأسعار أو الغش التجاري أو غيرها من الأعمال غير المشروعة إلا أن هذه الفئة تعد قليلة مقارنة بباقي مؤسسات وشركات القطاع، وهي فئة موجودة في جميع المجتمعات الأخرى فلا يمكن أن تجد مجتمعا تجاريا أو اقتصاديا خال من الممارسات الخاطئة، كما إنها موجودة في القطاع الحكومي ولكن في المقابل لايمكن أن نحرص على التعميم وإلصاق التهم بالقطاع الخاص.
من جانب آخر سعت بعض الجهات إلى التشهير ببعض مؤسسات وشركات القطاع الخاص من خلال وسائل التواصل الاجتماعية ووسائل الإعلام لوجود بعض التهم بشأن بعض الممارسات التي تدعي تلك الجهات وجودها مما ساهم في تشويه سمعة بعض الشركات والمؤسسات قبل أن يصدر حكم قضائي يؤكد تلك التهم، والتشهير هو عقوبة موجودة في العديد من أنظمة الدولة ومن حق تلك الجهات أن تقوم بتطبيقه ولكن بعد صدور حكم قضائي نهائي فالمتهم بريء حتى تثبت إدانته.
إن الدولة تؤكد باستمرار أن القطاع الخاص شريك إستراتيجي لها فكيف يمكن لهذا الشريك أن يقوم بدوره في التنمية وهو يواجه مثل هذه الممارسات من قبل بعض القطاعات الحكومية؟ وكيف يمكن لهذا القطاع أن يستقطب أبناء الوطن ويوفر لهم فرص عمل وبعض وسائل الإعلام تحرص على إظهاره في صورة اللص الجشع؟ وكيف يمكن للاستثمار أن يتوسع وهناك العشرات من الأنظمة التي يمكن أن تقوم بالحد منه ويتضارب بعضها مع البعض الآخر؟