لا تهون علينا ذكرياتنا أبداً ولا الماضي من أيامنا، ولكن وبسبب ما حملنا العام الماضي من هموم ونكسات فإننا نسارع إلى العام الجديد نقفل أبواب الماضي خلفنا ونرمي بمفاتيحه في بحر لجي، ثم نعلق بوارق أملنا وضحكاتنا وأحلامنا على ناصية العام الجديد علّ أيامه تبشّر بالسعادة والخلاص مما مررنا به.
سأقول للعام الماضي وداعاً بكل الذي غصَّ في حلوقنا، بكل ما ترك من جراح، وكل ما حصد من أرواح، وكل ما أغوى من أبنائنا الذين انساقوا للتنظيمات الغادرة التي احتلت مساحة كبيرة على الخارطة الجغرافية والزمنية والدموية، والتي إلى الآن يتسابق المتسابقون لتفسير هذا التنظيم الإرهابي الذي وجد له غاوين ومندسين تحت لوائه.
اذهب أيها العام الذي مضى من غير رجعة، فمنجزاتنا قلال وهزائمنا جسام، قتلانا لطخ دمهم زجاج النوافذ التي غاصت في بحور من دم وظلام، وتركوا في قلوبنا ألف حسرة وحزن وفراغ، اذهب فأنت ذاكرة البؤس والتشريد والأوطان الضائعة والغزاة، أنت عام المجازر والراحلين، والأطفال الذين ضاعت طفولتهم فقد نالوا من التعذيب ألوانا، عام 2014 عام القضايا المعلفة والنزاعات المالية والهبوط والتجاوزات والخسارات المالية.
نستقبل عامنا الجديد نحاول ننفض عن رؤانا رماد النيران المشتعلة، وننزل عن أكتافنا حملاً أثقلنا، أهلاً بك 2015 فهل ستكون لنا منقذاً ومسعفاً من كل ما مر بِنَا وترصد أفراحنا وحيواتنا؟ للعام الجديد نكهة سعادة مسروقة.. سهم فرح نفتح له أزرار قميصنا ليكون القلب هدفه، فيا أيها القادم الجديد خبرني ماذا لديك! وماذا ستمنحنا من وعود وكيف بنعيش معك شقاوة الحياة وفرحها؟
على أعتاب هذا العام نعلق قبلاتنا على جدار الغد، ونرسم بالتفاؤل ضحكة لا يمكن للحزن أن يبددها، ونرفع أكفنا للسماء ضارعين للخالق أن يشفي مليكنا حبيب الشعب أبانا عبدالله بن عبدالعزيز يا حماه الله، نلوح له بكف القلب ونتوق لرؤياه ولطلته التي تعيد الروح لنا.
على أبواب فرج قادم نحن.. يا الله أسعفنا وامنحنا السكينة والمحبة لنواجه بها العالم، واجعل الحوار سبيلنا للتعايش مع الآخر، واجعل التعصب إلى الجحيم مع أهله، والمجتهدين إلى مراتب النجاح.. اللهم خلص أطفال عالمنا العربي من التشريد والضياع والحروب والشتات.
عام مضى بكل أوجاعه، وعام أقبل هو سبيلنا للتفاؤل والأمل ولا حياة بدون أمل إن كانت الإرادة هي المجداف وقارب النجاة.
من آخر البحر للراحل غرم الله الصقاعي
أتعِرفُ أم أنت لا تعرفُ
بأن الصباحاتِ لا تَخلفُ
وأن البداياتِ سرُّ الطريقِ
وأن النهاياتِ لا تسعفُ
وأن القصيدةَ لا تستكين
وأن المشاعرَ تُستنزَفُ
إذا ضاقَ بالشعرِ دفءُ السحابِ
تموتُ بوحشتِها الأحرف
أيا ساكنًا في شغافِ الفؤادِ
حنانيكَ إن الهوى مكلفُ
اقلنيْ وقد جِئتُ معتمرا
شموخَ الجنوبِ فهل ترهِفُ؟
حملتُ إليك ابتهالَ الشمالِ
لمكةَ والشرقُ بي يهتفُ
لنا وطنٌ من جَلالِ الضياءِ
ومن سورةِ الحقِ يَستَشرفُ
تسامقَ فيه التقى والندى
وعنه البشاراتُ لا تُصرفُ