المتتبع للضربات الساحقة والاستباقية التي وجهها رجال أمننا وأسود الوطن لجرذان الإرهاب حتى وهي مختبئة في جحورها، يلاحظ وبوضوح قوة هذه الضربات وفاعليتها في الحد من الجرائم الإرهابية التي تهدف لتدمير الوطن وقتل المواطن وإفساد التنمية الشاملة التي نعيشها في هذا الوطن المبارك.
ومع فاعلية هذه الضربات ومع عدد من قتل من أفراد الفئة الضالة وعدد من جرح منهم والقبض على البقية وتتبع من فرمنهم أمنيا وإعلامياً وهروبهم المستمر من أي تجمعات ومجتمعات، فالسؤال الكبير الذي يلاحظ مع كل هذه الأمور أننا مازلنا نرى عدداً من شبابنا يدخل في هذا الجحيم وفي هذه البؤرة الفاسدة، فما هي الأسباب في التحاق هؤلاء الشباب بهذه الزمرة الخبيثة والتي تبث فشلها وتهدم جدرانها وفقر وضحالة فكرها؟
هنا لابد من وقفة جادة لمحاسبة النفس فما هو الخلل الذي يدعو الشباب للهرب للجحيم حيث الموت والقتل والسجن والظلام، حيث السمعة السيئة والوصمة الاجتماعية الدنيئة. فلم نجد شاباً عاقلا يفاخر أنه عضو في هذه المنظمات الإرهابية، فما هي أسباب هذا الاعوجاج أو الثغرة في مجتمعنا والتي تدفع بعضا من شبابنا للهرب من الواقع للخيال المنحرف.
حتى نعالج الجرح قد يؤلم العلاج قليلا، وحتى تجرى عملية جراحية قد تحس بالألم ولكن الألم بحد ذاته ليس المقصود ولكن العلاج هو المقصود وهنا لعلنا نحاول أن نعري الجرح لنرى الأسباب التي دعته لعدم الالتئام بعد.
أحد خصائص مجتمعنا أنا مجتمع شاب صغير السن حيث إن أكثر من 65%من سكان المملكة في سن الشباب، وكذلك هو حال غالب من قبض عليهم من الفئة الضالة هم وللأسف في سن الشباب، اذا هنا أحد مكامن الخطر فماذا أعددنا للشباب لحمايته من الفكر الإرهابي الذي يقوده للسلوك الإرهابي.
التربية والتنشئة الأسرية لها علاقة كبيرة بالإرهاب، فعندما يشاهد الطفل أو يمارس عليه عنف داخل المنزل يهرب للبحث عن مصدر حماية خارجه, وهنا قد يتلقفه أفراد الفئة الضالة، كذلك البيت المهمل حيث لا يعلم الوالدان بحال الابن ومع من يسهر وأين يسافر وأين ينام، هنا دور للوالدين قد أهملاه وتركاه, ثم يأتي الوالد ليقول والألم يقتله انه تفاجأ بأن صورة ابنه في الإعلام كأحد أفراد الفئة الضالة, أو أن هذا الابن في إحدى الجبهات القتالية تحت راية القاعدة أو داعش أو النصرة أو غيرها. فهل دخل لهذه الفئات الضالة فجأة.... وللحقيقة لا إنما هي تربية وتسيب وإهمال من أطراف عدة منها الاسرة.
الشاب الصغير داخل المدرسة عندما يحاول الهرب منها أو عندما يحضر للمدرسة تعلو وجهه كدمات من عنف في المنزل، للأسف أين دور المدرسة الاجتماعي والتربوي للتعامل مع مثل هذه الحالات. قد تفرح إدارة بعض المدارس عندما يترك المدرسة طفل مشاغب ومزعج وسيئ الأخلاق. ولكن هذا الطفل يهرب للمجتمع لينفذ سمومه فيه، عندما يهرب الطفل من المدرسة فإنه يهرب للشارع .. ،يجب ألا ننسى أن عدداً كبيراً من أفراد الفئة الضالة لهم سوابق جنائية مختلفة، فهناك فئات من شبابنا هربت من المدرسة ولا ترغب فيها مطلقاً. وهنا دور المجتمع بمؤسساته المختلفة لاحتواء هؤلاء الشباب وإعطائهم دورات فنية في الكهرباء والحاسب والسيارات وغيرها كثير ولا مانع من ان يصرف للطلاب ليتعلموا هذه المهن. أن نعلم الشاب المتسرب من المدرسة مهنة شريفة يكسب منها خير لنا جميعا كمجتمع من أن ينحرف هذا الشاب ونصرف عليه دماء قلوبنا وهو في السجن، أو أحد أفراد الفئة الضالة، وهذا الشاب الهارب من المدرسة هو أحد عوامل الجاذبية الإرهابية.
أتمنى فعلا إيجاد اخصائي اجتماعي بأسرع وقت ممكن في كل مدرسة دوره فعلا معالجة مشاكل الطلاب الفردية قبل أن تتحول لمشاكلات اجتماعية وربما تنظيمات إجرامية. المرشد الطلابي في المدرسة دوره محدود بالمقصف وغيره ولكن يجب ان يكون في المدرسة أخصائي اجتماعي لعلاج مشاكلات الطلاب مع المدرسة ومع المنزل ومع الشارع، وقبل هذا كله مع الشاب نفسه, وذلك لأن كثيراً من هؤلاء الشباب لديهم تراكمات نفسية واجتماعية جعلتهم يهربون من المجتمع الكبير لمجتمع آخر صغير ومنحرف فكريا وسلوكيا. وقد لا يهرب للإرهاب ولكن أحيانا لجماعات مخدرات أو سرقات أو غيرها. والمدرسة من مناطق الجذب للإرهاب اذا لم يحسن إدارتها ويجب أن يكون لها دوركبير خاصة دورها الوقائي.. وقد تكون للأسف المدرسة عاملا مساعدا للإرهاب، فالمدرسة تعتبر أخطر المؤسسات الاجتماعية مع الأسرة، المعلم له دور فاعل في صياغة وتشكيل عقول الصغار، ويجب على المعلمين عدم التركيز على جلد الذات وعدم دفع الصغار للأخطار. فالمعلم الصالح القدوة هو من يقدم خدمة وأمن الوطن وخدمة أسرة الطالب قبل كل شيء. للأسف قلة من المعلمين يدفعون بطلابهم «للهجرة» أو الذهاب للجبهات لقتال الكفار، وهذا يحتاج لفقه كبير وعلماء ثقات ومرجعيات دينية مثل هيئة كبار العلماء ومجلس القضاء الأعلى وغيرها. ويجب على المعلم الابتعاد عن هذه الأفكار المشبوهة ولو طلب من المعلم أن يذهب بنفسه أو يرسل أولاده هناك لرفض، ولكن لا مانع من أن يدفع هؤلاء الشباب الصغار ويغسل أدمغتهم للهرب من مجتمعهم للجبهات حيث الدماء والموت..
المدرسة يجب أن يكون لها دور إيجابي أكثر، للأسف ما زالت مدارسنا في غالبيتها تتعامل مع الإرهاب وكأنه في كوكب آخر غير وطننا وأتمنى من كل مدرسة أن تجعل من الإرهاب والإرهابيين قضيتها اليومية، تطرح في الطابور الصباحي وفي الفسحة وفي الصحف المدرسية وفي المسابقات المدرسية وكل أسبوع يسمى بأسبوع أحد شهداء الوطن بحيث يشعر الطالب انه جزء من هذا الوطن وجزء من المشكلة وأن هذا هو قدره وانه لابد من التعامل مع الإرهاب ايجاباً.
أتمنى أن يشعر الطالب برموز الوطن مثل علم الوطن ويوم الوطن ومؤسس الوطن وأمن الوطن وغيرها من الرموز التي يجب أن يعيشها الطالب في يومه الدراسي مثل ما يعيش مع الرياضيات أو البدنية أو القواعد وغيرها من المواد والنشاطات.
عندما نحاول علاج الفكر المنحرف في المدرسة يجب قبلها نشر الفكر المعتدل، وعندما نطالب ببرامج لتدعم برامج مكافحة الإرهاب يجب أن ندعم البرامج التي تربي النشء - التربية الصحيحة.. هل هذا يحصل؟ أتمنى ذلك. وللحقيقة نتطلع للكثير من ذلك على يد الأمير المبدع خالد الفيصل والذي بلا شك ننتظر منه الكثير لتطوير التعليم خاصة في مجال أمن الوطن بأن يكون هناك كشف حساب لكل مدرسة وكل إدارة تعليم في نهاية كل فصل دراسي ماذا قدمت للوطن وأمن الوطن، وحينها يجب أن يقال للمحسن أحسنت ولغيره بيتك أوسع لك.
نفخر ونعتز جميعا مواطني هذه البلاد المباركة أننا مجتمع متدين محافظ، فهذه هي التركيبة الاجتماعية لمجتمعنا في انه مجتمع متدين بالفطرة , وهذه منة ومنحة لنا من رب العالمين بأننا مهبط الوحي ومنبع الرسالة وقبلة المسلمين ومهوي أفئدتهم ومكان أقدس مقدساتهم. ولكن للمسجد في الصلوات الخمس المفروضة وخاصة خطبة وصلاة الجمعة دور محوري ومهم وأساس في التنشئة الدينية للشباب، وذلك لأن الشاب يستقي الحق والباطل من المسجد وإمام المسجد وخطيب الجمعة. وهنا لابد كذلك من كشف حساب دوري من قبل وزارة الشؤون الاسلامية وعلى رأسها الآن الفارس الشيخ الدكتور سليمان أباالخيل لجميع الأئمة والخطباء والاجابة عن سؤال محوري ماذا قدمت لوطنك وأمن وطنك والسمع والطاعة لولاة امرك من خلال محرابك ومنبرك. فإن لم يقدم المطلوب للوطن فيجب أن يبقى بمنزله ويبحث عن إمام وخطيب آخر لا يتهرب من المسؤولية الجسيمة التي يجب أن يقوم بها خير قيام.
يجب كذلك أن نعلم أولادنا وشبابنا بأننا لا نستطيع حل مشاكل العالم أجمع، القنوات الفضائية والانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي الحديثة وبعض من الصحف والكتب والمعلمين والمعلمات والواعظين والواعظات وغيرهم أحب ما يتكلمون عنه هو جلد الذات, واننا مجتمع سيئ غيرنا أفضل منا، ونحن في مؤخرة الركب وغيرها من الخزعبلات والخرافات. يجب أن نبتعد عن جلد الذات ويجب نشر الفكر الايجابي ونشرح روح المرح والسرور بين الناس. نحن للأسف مجتمع يحب النواح والبكاء, واذا ضحك الشخص منا خاف من عواقب الضحك، وهذه الثقافة (ثقافة الحزن) منتشرة عندنا بكثرة وبعمق، مشاكلات العالم الإسلامي تعرض في خطب الجمعة بأسلوب حماسي ناري، وهناك عدد من المراهقين ممن يستمع للخطبة وليس لديه فقه الجهاد وفقه طاعة الوالدين وفقه وجوب السمع والطاعة لولاة الأمر. ومع جلد الذات السابق ذكره بأننا مقصرون وأننا سبب انهيار الأمة، فهذا الشاب يهرب للجهاد ليدافع عن المظلومين والضعفاء حسب فهمه المغلوط، وهذا نبل تنقصه الحكمة بلا شك.... نحن أبناء الوطن هم من شحن هؤلاء الفتية للهروب لأماكن الحروب والقتال.... وكنت أتمنى من مرجعياتنا الشرعية القيام بجهد بيان الأحكام في النوازل التي تصيب المسلمين بوضوح وشفافية مثلا ما حصل في افغانستان عندما تتقاتل فئات من الأفغان وكل يسميه جهادا هل هو جهاد، أهل الحاصل في العراق وسوريا ونيجيريا وغيرها كثير جهاد أم لا والموقف الصحيح والشرعي من القاعدة وداعش والنصرة وبوكو حرام الخ....؟ والمستقبل يحمل في طياته الكثير. وبلا نقاش ان أحد عوامل الجذب للإرهاب هو ما تتعرض له العديد من الدول الاسلامية والعربية لغزو جائر وظالم، ولكن هل الحل ان يذهب صغار السن للجبهات. ويتعلم الشاب هناك السلاح وللأسف يتربى ويتعلم ثقافة منحرفة فاسدة من أناس معروف حقدهم وكرههم لهذه البلاد وأهلها ثم هم يزيدون هذا الشاب الصغير شحناً عاطفياً ويعلمونه حمل السلاح والتفجير ويعبئون عقله انه لابد من ان يبدأ الجهاد في وطنه المملكة قبل الجهاد هناك في الجبهات، وهنا دور المرجعية الشرعية لإيضاح الصورة.
مشكلة اخرى مع الجاذبية الإرهابية انه كما ذكر غالبية سكاننا هم من الشباب, والشباب لديهم طاقات كبيرة ووقت فراغ، وهنا جزء مهم من المشكلة وهو وقت الفراغ ومن الضروري القضاء عليه بالترفيه والمفيد من الأنشطة مثلاً، أتمنى ان تقوم كل امانة وبلدية بعمل ملاعب للشباب داخل الأحياء كذلك خيمة أو صالة للجلسات الاجتماعية والسمر والكلام الطيب في كل حي. لأن يقضي الشاب جزءاً من وقته داخل الحي للعب الكرة أو في جلسة معروف اهدافها ومؤتمنة خير من ألا نعرف اين يقضي وقته ومع من.
كذلك يجب أن نشجع العمل الجزئي وهو أن يعمل الطلاب بعد العصر وفي المساء في المحلات التجارية والشركات والمؤسسات وغيرها نصف العمل بنصف الأجر، هنا نكسب عدة امور مهمة لعل منها ان الشاب يكسب مالاً وهذا يقوي شخصيته ويزيد دخله ودخل اسرته ويقضي على وقت الفراغ لديه. كذلك آمل ان تفتح المدارس أبوابها بعد العصر وفي المساء لإعطاء دروس للتقوية التي تقوم بها الأسرة ونشاطات لا صفية مثل جماعة للرحلات وأخرى للمسرح وثالثة لتحفيظ القرآن ورابعة للرياضة والرسم والنحت وتعليم امور منها الكهرباء والسباكة وميكانيكا السيارات. مدارسنا تعمل 6 ساعات من 24 ساعة وأتمنى ان تعمل على الأقل نصف الوقت. بشرط ان يقوم بهذه النشاطات مدرسون ومدربون ثقات لا يخاف على الشباب منهم، وتكون هذه المناشط تحت إشراف دقيق ومحاسبة. هنا نقتل وقت الفراغ والذي هو احد الأمور لجذب الشباب للانحراف والذي الإرهاب أحد أشكاله.
ايضاً أتمنى من انديتنا الرياضية ان تساهم بشكل فعال وإيجابي في احتواء الشباب وأن تقيم لهم دورات رياضية مختلفة، وأن تمتص حماسهم وتقضي على وقت الفراغ لديهم بنشاطات رياضية مختلفة. للأسف الشديد أنديتنا الرياضية مثلها مثل المدارس تعمل بأقل من طاقتها مع ان لديها بنية تحتية ممتازة، وهي بهذه البنية تستطيع ان تلعب أدواراً مهمة في احتواء الشباب والقضاء على وقت الفراغ لديهم بنشاطات أمنية وفكرية وثقافية ورياضية مختلفة، وهنا أحد عوامل الجاذبية الإرهابية. كذلك أن تستغل المباريات لرفع شعار الوطن داخل النادي وداخل الملعب وأن يستغل اللاعبون الجماهيريون لأجل الوطن وأمن الوطن ونشر ثقافة حب الوطن، وذلك لأنهم قدوة للكثير من الشباب فيجب الاستفادة منهم للوطن وأمنه. ويجب ان ننشر أنه مهما اختلفت ميولنا الرياضية فيجب الا تكون مطلقا سببا لاختلاف ميولنا الوطنية فوطننا فوق كل حساب.
أحد عوامل الجذب للإرهاب والجماعات الإرهابية هو عدد من المواقع المشبوهة في الإنترنت والتي تضخم الأخطاء وتتصيد الشباب وتعلمهم كيفية حمل السلاح والتفجير وتعلمه استراتيجيات المواجهة والقتال والتفجير. وهنا لابد من عدة نقاط لوضع الأمور في نصابها ومنها أن أصحاب مقاهي الإنترنت مسؤولون عن أي عميل يدخل اي مواقع مشبوهة مثلاً يجب على صاحب المقهى ان يكون لديه شاشة مركزية يستطيع من خلالها متابعة جميع الشاشات في المحل، كذلك آمل ان يفرض على كل صاحب مقهى أن يأخذ رقم هوية من يدخل عنده للدخول للإنترنت، فهذا يسهل الرجوع اليه بعد فترة وهذا ايضاً يجعل من يدخل مواقع مشبوهة يفكر مراراً قبل الإقدام على مثل هذا التصرف. على الأسرة أن تهتم عند وجود الانترنت في المنزل فإما أن يراقب مراقبة جيدة أو ان يمنع وكما يقال «باب يجيك منه ريح سده واستريح». الانترنت للأسف فتحت علينا ابواب شركثيرة ويجب مراقبتها مراقبة شديدة قبل ان يستفحل الداء ويصعب الدواء.
كذلك آمل من الجهات المختصة توظيف عدد من الشباب من هواة الانترنت لملاحقة المواقع المشبوهة وتدميرها أو على الأقل الإبلاغ عنها والدفع لهم بسخاء نظير أوقاتهم وجهودهم.. كذلك آمل إيجاد مواقع كثيرة تدافع عن الوطن ورجال الوطن وأمن الوطن حتى يتعزز الفكر الوطني وحتى تصبح المواقع الفاسدة اقلية.. كذلك كنت أتمنى أن تعلن عقوبات من يتعامل مع المواقع الخطيرة والفاسدة أو ينشر أو يعيد تغريدات مسيئة بأن من يثبت تورطه فسوف يعاقب بعقوبات صارمة بحيث نقوي وازع العقوبة والتي لها دور فاعل في منع الجريمة كما يعرفه المهتمون بالجريمة.
ويجب كذلك الانتباه والحذر من وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة من الفيس بوك والتغريدات على التويتر وغيرها فبعضها يحمل السم القاتل. للأسف اليوم بعض الشباب المراهق قد يكون داخل غرفة نومه أو في فراشه وهو يراسل ويستقبل من جهات مشبوهة إن لم تكن معادية ومنحرفة بواسطة هاتفه الذكي، وهنا دور الحصانة الذاتية التي تتأتى من الوالدين والمراقبة غير المباشرة لهذا المراهق ودور المعلم والمرشد والاخصائي بالمدرسة الدور الوقائي والذي فعلا نفتقده كثيرا في مجتمعنا.
كذلك أحد عوامل الجذب للإرهاب ضعف فكرة المواطنة والعمل للوطن وحب الوطن والتطوع للوطن بأي شكل وصورة، وهنا نحتاج لتربية حقيقية منذ الطفولة ليتربى الإنسان على ان حب الوطن ليس كلاماً انما يجب ان يقترن بالفعل وهذا يتمثل في امور كثيرة فالحفاظ على أمن الوطن من حب الوطن وطاعة ولاة الأمر من حب الوطن والتبليغ عن مشبوه من حب الوطن كما هي التقيد بإشارات المرور وعدم رمي المخلفات. وأن كل مواطن سعودي ممثل لهذا الوطن هو من حب الوطن. للأسف لا يعرف الكثير من شبابنا قيمة الوطن لأنه ولد وتربى في أمن وأمان ورغد عيش ولم يجرب الحروب والنكبات والكوارث، وهنا تأتي التربية الوطنية ويجب ان تفعّل في مناح كثيرة جداً في حياتنا المعاصرة وفي كل مؤسسات مجتمعنا الرسمية كالمدرسة والنادي والاسرية والاجتماعية والخيرية وغيرها.
ويجب دخول التربية الدينية في بيان أهمية حب الوطن وأن للوطن حقاً على ابنائه وان محبته كما قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عندما هاجر من مكة «لأنت أحب البقاع على نفسي» أو كما قال عليه الصلاة والسلام. ويجب بيان انه ليس هناك تضارب وتصادم بين حب الوطن والدين وإنما يكمل بعضهما بعضاً، وأن هذا الوطن هو اصل الإسلام وقوته ونبعه واليه يعود عند قيام الساعة وأن قوة هذا الوطن قوة للإسلام والعكس صحيح.
من مناطق الجذب للإرهاب كذلك التجمعات المشبوهة والاستراحات والمزارع البعيدة عن العمران، وهذا يتطلب جهوداً امنية كبيرة، وهنا يجب ان يتحمل المحافظ ورئيس المركز وعمدة الحي في المدن مسؤولية كاملة ويجب ان يكون لديهم ملفات بجميع سكان الحي والمزارع والاستراحات وغيرها، ويجب أن نعترف ان قوات الأمن ليست قادرة لحل اشكاليات المجتمع لوحدها, ولكن يجب ان يكون هناك ترابط وتعاون من الجهات الأخرى وأهمها العمد لمعرفة السكان والمترددين، وكذلك المكاتب العقارية لمعرفة من يستأجر المنازل والاستراحات والمزارع، كذلك المدارس وأهم منها المساجد لأن انتشارها اكبر من المدارس فيجب على إمام المسجد معرفة جماعته والوجوه الغريبة في الحي والتحركات المريبة والمشبوهة، لا نريد للإمام أو المؤذن ان يكون عسكرياً ولكن نريده مواطناً صالحاً يدافع عن وطنه الأم، كما يدافع عن منزله الصغير والوطن اهم من المنزل بكثير.
كذلك من مناطق الجاذبية الإرهابية هي فكرة الاغتراب والغربة الثقافية والاجتماعية، فبعض شبابنا ومراهقينا يعيشون غربة وهم داخل الوطن، ويعرف العديد من المهتمين بالجريمة ان فكرة الغربة الاجتماعية لها علاقة بالجريمة والإرهاب. والاغتراب بشكل مبسط هو هروب الشاب من مجتمعه الكبير لمجتمعات صغيرة وفي أحيان كثيرة مشبوهة، هنا تتحول الثقافة العامة للمجتمع لثقافة اخرى جديدة، ثقافة منحرفة دخيلة. وهناك عدد من الثقافات للغربة الاجتماعية منها على سبيل المثال ثقافة تعاطي المخدرات والخمور وثقافة الإرهاب وثقافة الفكر الضال. وهنا يأتي دور مؤسسات المجتمع ككل للقضاء على هذه الظاهرة وأولها بالطبع الأسرة تليها المدرسة ثم المسجد ثم المنظومة الأمنية ثم الجيران والحي وغيرها.. يجب علينا جميعاً التصدي لهذه البؤر الفاسدة داخل وخارج احيائنا ومدننا لأنها وللأسف تعج بفكر وثقافة منحرفة يتجه نتاجها للمجتمع الكبير بعواقب تدميرية وخيمة. وأحياناً يعيش الشاب وسط أسرته ولديه غربة اجتماعية وثقافية، فهو بعيد كل البعد عن الجو العام للأسرة.
ومن مناطق الجاذبية الإرهابية الفقر، والفقر مع البطالة والفكر الضال تقود للإرهاب، ولكن معالجة الفقر تحتاج لاستراتيجيات كبيرة ومعقدة، وهنا لابد من كلمة شكر وتقدير للقيادة التي بدأت جدياً في حل مشكلة الفقر بعدة مستويات لعل منها زيادة الضمان الاجتماعي والمساكن الشعبية ومؤسسة الملك عبدالله لوالديه للإسكان التنموي وغيرها. وهنا أطمح لمزيد من فرص العمل على عدة مستويات أولها تشغيل الفقراء ومن ليس لديهم تعليم أو أميين، وهنا أتمنى شفافية وقوة في الطرح.. كنا في الماضي القريب أي فقير يكسب دخله بسهولة بواسطة قيادة سيارات الأجرة والشاحنات والصهاريج وغيرها. ولكن وللأسف حالياً هناك الآلاف من الشاحنات وسيارات الأجرة يقودها أجانب من الهند والباكستان وبنغلاديش والفلبين وغيرها كثير وأبناء الوطن يتفرجون على كسرة الخبز تؤخذ من أياديهم. المواطن السعودي لابد من أن يعيش في مستوى معيشة هذا البلد والمعيشة عندنا ليست رخيصة، وهذا المواطن يعول اسرة، فمن الصعب عليه مجارات هؤلاء العمالة، وأتمنى من قرار سياسي واضح وقوي يعيد الأمور الى نصابها، حيث نرى السائق السعودي بدلاً من الغريب.
كذلك من عوامل الجاذبية الإرهابية أصدقاء السوء وهم من يزين للشاب اموراً خطيرة وقاتلة ولهم تأثير سحري في عقل الشاب. أصدقاء السوء يسهلون ويزينون للشاب الانحراف والجريمة والإرهاب، وهذا دور الأسرة الأساس للتأكد من اصدقاء ابنهم وهو بالتأكيد كذلك دور المدرسة والمعلم الصالح، وللأسف الشديد عامل الأصدقاء يعتبر من أهم وأكبر العوامل المؤدية للجريمة عموماً والإرهاب خصوصاً، والأصدقاء يدفعون الشاب لارتكاب اعمال لا يجرؤ على عملها وحيداً، والأصدقاء هم أحد عوامل الجاذبية الإرهابية.
في الختام يجب الحذر من عوامل الجاذبية الإرهابية والتي تساعد على إتلاف عقول شبابنا بانخراطهم في هذه المنظمات الإرهابية. وكما ذكر أهم هذه العوامل الأسرة سواءً اتصفت بالإهمال أو بالعنف، والمدرسة التي لا تؤدي رسالتها الصحيحة، والإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، والحي، والأصدقاء، والبطالة، والفقر.
وعلينا جميعاً كمجتمع وكأفراد الاتحاد والالتفاف حول الوطن وقيادته للنفاذ من هذه المرحلة الحرجة من تاريخ وطننا.
أسأل الله تعالى أن يحفظ وطني وطن المحبة والخير والعزة المملكة العربية السعودية تحت قيادتها الرشيدة وأن يرد كيد الكائدين وحقد الحاقدين وحسد الحاسدين في نحورهم ليبقى هذا الوطن عزيزاًشامخاً منارة للهدى والتقى والخير والأمن والأمان.
والحمد لله أولاً وآخراً.