أعتقد أننا في هذه المرحلة نحتاج كثيراً للحكمة, وللتضافر، وللتآزر,..
لا للفرقة.., ولا للاختلاف.., ولا للذاتية.., ولا للترصد لكل صغيرة وكبيرة, ولا للتشهير والتهكم.., لا للتنافر بكل أشكاله..!
إن رسول الله عليه الصلاة، والسلام قدوتنا, ونبع حكمتنا قال، وهو لا ينطق عن الهوى، بل أوحى له الله تعالى أن يعلم كل من ارتضى الإسلام ديناً، ونحن منهم أن «.. المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو, تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى»..
وهو ذا الوقت الذي نتداعى فيه مع جسدنا الوطن كله..
وهو يعني أننا عضواً عضواً في هذا الوقت, نحتاج لإعادة النظر في سلوكنا مع هذا الجسد،..
إذ هو وقت كثرت فيه الفتن، واشتد على الأمة العربية, والإسلامية الصراع، وغدت هدفاً للإغواء، والتأثير في أبنائها, وشحذ فتائل الفرقة, وشتات الأمر,..
تكالبت عليها القوى السياسية، والأفكار المختلفة، والغايات الخفيّة التي سيكشف عنها القادم بمثل ما ينبئ عنها الراهن..
فلا بد أن نشد الأزر فينا،
فنتكاتف لمحاربة الوجع الذي اعترضنا، ولحق ببعض عضو في الجسد منا..
ولعل أول أمثلة هذا الوجع هؤلاء من الشباب الذين حين اشتد ساعدهم، جعلوا بلادهم هدف رمايتهم.., فأصبحوا وجعاً, وعضواً فاسداً يشتكي منه هذا الجسد..
أفلا نتضافر لمكافحة ما اعترانا..؟
فلا طائفية ولا قبلية ولا مناطقية ولا هذر ولا طعن ولا تذمر ولا سخرية ولا ترصد لأخطاء ولا تأثر بأفكار ولا تخلياً عن قوام، ولا تنابزاً بألقاب ولا تشتتاً بطبقات ولا حقداً لاختلافات..
الآن علينا بالأخذ الجاد للترابط والتكاتف وتوعية من لا يعي, وتوجيه من يضطرب, والتعامل مع روح الفتنة بحكمة اليقين, ومع ريح الفرقة بإحساس المحضن, ومع ضباب المؤثرات بنور العقل, ومع هذه التيارات الكدرة بصفو النية،..
فلا مساومة على لحمة الوطن، ولا تنازل عن قوة العضد, ولا صدق أجل من أن يكون مع الوطن في هذه المرحلة التي تحيط بدول حوله الكرب، وتعتريها ظلامات الصراعات المستجدة، بعنفوانها الطحلبي, وظلمتها العجائبية...
وإلا ما الذي تخفيه هذه الانفلاتة لعاصفة التغيّرات المتواكبة في المنطقة, لولا أن هناك ما يوجب يقظة وعي الفرد في هذا المجتمع، ليكون العضو الذي لا يشز، ولا يمرض..؟
فيكون البنيان قائماً يتداعى كل ما فيه لما فيه, ومع ما فيه.. ساهراً من أجله, حارساً دون وجعه..؟
حفظ الله أمتنا،
وحفظ الله وطننا,
وهدى أبناءها.., ووفق مخلصيها,
وصرف عنها الشر.., والضر..
اللهم آمين..