تعرضت مرات عديدة إلى موضوع الوثائق في المملكة العربية السعودية، ومن آخرها ما كتبته «الوثائق المحلية 29-10-1435هـ»، وامتداداً لهذا الموضوع فقد عملت على دراسة جوانب منه في فترة قريبة رغبة في الوقوف على الخدمات التي تُقدم من بعض الجهات للراغبين الاستفادة من الوثائق، وكان من بينها دارة الملك عبدالعزيز, والتي لجأت إليها للاستفادة من وثائقها في بحث محلي أقوم بإعداده.
ومن المفروغ منه أن أشكر الدارة على ما حظيت به من استقبال طيب وخدمة راقية من موظفات مركز الباحثات, وهو أمر تعودت عليه منذ بداية تعاملي مع الدارة منذ وقت طويل.
إلا أنني أرغب في إبداء وجهة نظري الشخصية في نماذج خدمة الوثائق وأوضح أنني لاحظت أن وثائق أجنبية كثيرة تندرج تحت مدخل وثائق محلية لأنها تحتوي على معلومات بالمملكة من قبل فترة تكوينها مروراً بفترة التأسيس إلى فترة قريبة.
وأنا أخالف هذا التصنيف لأن هذه الوثائق لا يمكن أن تُعد وثائق محلية بحال من الأحوال فهي وثائق بريطانية وأمريكية وألمانية وغيرها.
الوثيقة المحلية هي: التي كتبت داخل البلد بيد أفراد محليين أو صدرت من قبل جهات أو هيئات فيها سواء كانت خاصة تمس منطقة أو مدينة أو هجرة أو أسرة أو عامة تمس كيان الدولة بأكملها، أو وردت من خارج الدولة لجهات تابعة لها وتتناول قضية من قضاياه..
ومن النماذج: وثائق أشيقر التي تُعرف بوثائق «الصُوام», ووثائق «قصر ثليم», ووثائق «أبو صابر» في الوجه ووثائق البيوتات التجارية الأخرى، ومراسلات العلماء وهذه جميعها موجودة في مكتبات ومراكز غير الدارة.
والدارة لديها الكثير من هذا النمط وهو الذي يحتاجه الباحث بالتاريخ المحلي.
الدارة تتيح المجال للاطلاع على وثائق من خلال موقعها داخل الدارة تحت مسمى وثائق محلية، وعند الاستخدام نجدها عبارة عن مصورات وثائق أجنبية أصولها في أرشيفات عالمية وبلغات مختلفة، وتتضمن قضايا محلية من وجهة نظر معديها، ويُوجد مع هذه المجموعات وثائق محلية نسبتها قليلة، وفي هذا خلط لأن الوثيقة الأجنبية ليست محلية، وهي وثيقة لها علاقة بالمملكة لكنها ليست محلية.. وهنا الاختلاف.
لا شك أن فتح المجال للاطلاع على الوثائق المحلية هو أمر مهم للباحثين وكل ما يُقال عن خطورة ذلك هي من وجهة نظري لأشخاص في ظني أنهم لم يتعاملوا مع الوثائق بشكل دقيق ومباشر, فأغلب وثائقنا هي وثائق اجتماعية ترتبط بالوقف كما وثائق أشيقر أو مراسلات تجار أو علماء أو وثائق مالية أو رسائل رسمية تخص أمور الدولة في فترة تكوينها، وما يتعلق بالقبائل منها قليل جداً وهو أمر طبيعي، وإن كان هناك وثائق يتطلب الأمر حظرها فهي قليلة وحظرها واجب وهو أمر معروف على مستوى العالم, فعلى مستوى العالم هناك وثائق تحظر لفترة زمنية ثم يكشف عنها وبعضها الآخر يظل محظوراً إلا على فئة محدودة من الباحثين.
الأمل كبير أن تقوم الدارة بإتاحة المجال للاستفادة من كافة الوثائق المحلية دون خوف أو خشية، فالقليل الذي يستدعي الحظر لا يجب أن يعيق الاطلاع على النسبة الأكبر الذي يعين في تكوين الصورة الحقيقية لمجتمعنا في الماضي ويساعد على تصحيح بعض الأفكار والآراء ويدعم معلومات قد تكون أولية.
الأمل أن تسارع الدارة بإتاحة الوثائق المحلية للباحثين دعماً لحركة البحث العلمي الأصيل، ولإتاحة مصدر أساس يُعد ذا قيمة كبيرة في مصداقية البحث, وللمساهمة في إعادة كتابة تاريخنا المحلي من خلال الوثائق اللصيقة به.