حق لكل مسلم وعربي يؤمن بالحق الفلسطيني أن يبكي بكاء مرا وهو يرى رئيس الوزراء الإسرائيلي يمشي إلى جانب القادة ممن حضروا لمشاركة الشعب الفرنسي فجيعته ليس فقط في الصحافيين والرسامين ولا من قتل بعد ذلك من الأبرياء في محل البقالة اليهودية بل فجيعته في أمنه ووطنه الذي أخذ على حين غرة. عومل نتنياهو ومن معه كضحايا للتطرف والبربرية الإسلامية وراحت تضحيات
أبطال غزة في الهواء... كل الآلاف والمئات من الأطفال والأسر التي محيت عن الأرض بيد الوحشية الإسرائيلية تم تجاهلها ليظهر اليهود اليوم وفي تلفزيونات العالم كشعب مظلوم إلى الدرجة التي دفعت نتنياهو بأن ينادي يهود العالم ليهاجروا إلى إسرائيل باعتبارها أكثر أمنا!!
لا أظن أنه توجد كلمات كافية للتعبير عن الغضب والحزن الذي فجره هؤلاء الإرهابيون في وجوهنا بجريمتهم النكراء فمع هذا القتل تفجرت أبواب الجحيم في وجوه المسلمين وخاصة أولئك الذين يعيشون في البلدان الغربية والذين سيتعرضون شئنا أم أبينا إلى كل أنواع التمييز والغضب الشعبي. فحين تخرج أمة من طورها وتضربها في عقر دارها كأشباع لما تعتقد غير آبه بالنتائج الوخيمة التي يمكن أن يؤدي إليها فعل بشع كهذا فتوقع الأسوأ وها هو يحصل!
حتى الآن هناك أكثر من خمسين اعتداءً على المسلمين في فرنسا بعد الحادثة المشؤومة سواء على أشخاص أو مساجد أو محلات. هذا بالطبع غير ما سيأتي لاحقا من إجراءات أمنية ستحد من حركة أي مسلم حول العالم وهاهي ألمانيا وغيرها من الدول تدرس مع فرنسا خطط مشتركة لمقاومة هذا المارد الغبي.
لدينا نحن السعوديون فقط أكثر من مائتي ألف طالب وطالبة يدرسون في الغرب وهذا العدد لا يضم عائلاتهم فهل يمكن لكم أن تتخيلوا مقدار العناء والعنصرية والغضب الذي سيتعرض له أبناؤنا وغير أبنائنا من أبناء المسلمين بسبب عمل أحمق كهذا طالما هم يدرسون أو يعملون أو يتعالجون في الغرب.
السؤال الحقيقي: هو مالذي حصلنا عليه كمسلمين لنصرة ديننا ونبينا صلوات الله وسلامه عليه من خلال هذا العمل الأحمق؟ لا شيء؟؟!. على العكس تماما فما فقدناه ما لن نتمكن من إرجاعه إلا بعد مئات السنين. والعمل الدؤوب والتضحيات التي قدمها الفلسطينيون وأحرزت بعض النجاح بدليل تغير مزاج الشعوب وخاصة في أوروبا نحو دعم القضية الفلسطينية وتجريم العمل الوحشي الإسرائيلي ودعم قيام دولة فلسطين في الأمم المتحدة وفرنسا من أوائل من عمل مع العرب في ذلك وهاهي تضرب في العمق من خلال هؤلاء المسلمين؟
لذا لا غرابة حين سار أكثر من ثلاثة ملايين ونصف عبر فرنسا معبرين عن رفضهم للإرهاب والعنف كوسيلة للتعبير عن الاختلاف في الرأي. من حقنا أن نرفض ما فعله الرسام ومن حقنا أن نرفع عليه الدعاوي القانونية تحت مسمى ازدراء الأديان ومن حقنا أن نجادله في كل وسيلة إعلامية ممكنة لكن ليس من حقنا أن ندخل بلدا آمنا ونقتل أهلها على حين غرة وكأن دواليب الزمن عادت إلى القرون الوسطى؟!
بالفعلة النكراء هذه نساعد على إضاعة فكرة الدين السمح الذي يصلح لكل زمان ومكان وحلت محلها وفي أذهان البلايين من البشر وفي كل بقعة من العالم تصلها وسيلة إعلامية إسلام متوحش دموي ولا يفكر إلا في العنف والغدر والخديعة والتربص بالعالم المتمدن. ساعد على ذلك بالطبع هذا العلم الأسود الذي يضعه كل إرهابي خلفه وقد كتبت عليه الشهادة وكأن اسم الله ونبيه مربوط بهؤلاء القلة والعياذ بالله.
لن تقف هذه الشعوب صامتة أمام ما يصيبها من تصرفات خرقاء مدمرة وستعمل على إزاحه كل ما هو عربي ومسلم ما دام يشكل خطرا بهذا الشكل وعلينا أن نتحمل النتائج إذ لا أمة في العصر الحديث تستطيع أن تعيش معزولة.
يجب أن لا نجلس في داخل مجالسنا ونستمع إلى بعضنا ونردد نفس الأسطوانات القديمة فلا نبينا عليه الصلاة والسلام سيتأثر ولا رسومهم ستقلل مما قدمه نبينا للعالم وعلينا إن كنا صادقين في مواجهة (الثعبان داخلنا) أن نراجع بعض الأدبيات والموروثات التي أوصلت هؤلاء الإرهابيين إلى ما وصلوا إليه من عنف وتطرف وأن نغوص داخل هذا التراث الذي يدرس في المدارس والجامعات وكليات المعلمين لتنقيته من التفسيرات المتطرفة التي تظل في النهاية تفسيرات بشرية وليست نصا قرآنيا أو حديثا شريفا نلزم أنفسنا به. لا أعرف إلى متى سنبقي رؤوسنا داخل الرمال معتقدين أنه لا يوجد أحد سوانا على وجه البسيطة رغم أننا لا نمثل إلا نسبة قليلة من سكان العالم.