تعد السلع المصنوعة يدوياً، أو ما يسمى (هاند ميد) في أكثر دول العالم، هي الأغلى ثمناً، لأنها ليست منتجا مصنعيا، وإنما مصنوعة باليد، أي أنها تعتبر صناعة ثمينة، يغلب عليها الجانب الإبداعي، وهي لا تتكرر من سلعة لأخرى، وهذا ما يجعل ثمنها غالياً، على خلاف منتجات بعشرات الآلاف من خطوط الإنتاج بالمصانع.
في المملكة، ظهرت منذ سنوات أعمال الأسر المنتجة، وهي جاءت ليس بحثاً عن التميز والتفرد بالمنتجات، كما يظن المتابع الخارجي، وإنما هي محاولة متأخرة لخفض معدل البطالة النسائية المرتفع، بسبب ما يسمى الخصوصية السعودية، وحرمان المرأة من كثير من فرص العمل، التي يمكن أن تشغلها -ببساطة واعتيادية- في كثير من دول الجوار.
علينا أن نتفق بأن تجربة الأسر المنتجة هي تجربة رائدة في المملكة حظيت بتزايد الأسر الممارسة والتي وجدت فيها رزقاً حلالاً، يغنيها عن الحاجة، خاصة مع توفر أجمل فرص التسويق التي لم تكن موجودة قبل بضع سنوات، أعني بذلك مواقع التواصل الاجتماعي، مثل تويتر وإنستجرام وغيرهما، وذلك أيضا يلبي خصوصيتنا المزعومة، لأن هذه الأسركانت سابقاً تنتظر رحمة الجهات والمؤسسات كي تقيم لها معرضاً سنوياً لا يتجاوز أسبوعاً، تعرض فيه منتجاتها وتسوق لها، بتوزيع أرقام الاتصال، وتلبية الطلبات من المستهلكين، لأنه لا يوجد لهذه الأسر معارض ومحال كغيرها من المحال المعروفة.
من جهة أخرى علينا أن نتفق أيضاً بأن تزايد هذه الأسر المنتجة لا يغني عن إيجاد فرص العمل للمرأة، لكي تعمل في مختلف الأنشطة والمجالات، والسعي عبر الجهات المختصة، كوزارة العمل والتعليم والصحة وغيرها، لتوفير المزيد من الفرص الوظيفية للمرأة، لكي تقتصر منتجات هذه الأسر على المنتجات الإبداعية، الهاند ميد، وتصبح مقصداً للجميع، سواء من مواطني الداخل أو الخارج، رغم أن معظم منتجات هذه الأسر تتركز على الأكل وأصنافه، وهذا مما لا يطور هذا المجال الرائع!
ولعل أكثر ما يعانيه هذا القطاع، وأسميه القطاع، لأنه أصبح مؤثراً على الاقتصاد، وأكاد أجزم أنه خلال سنوات قليلة سيزحزح كثيرا من الأيدي العاملة في البلد، لكونه منخفض التكاليف، نظراً لعدم الحاجة إلى فتح محل، ودفع مصاريفه المختلفة من إيجار وكهرباء وهاتف وخلافه... مما يعني أنه سيُصبح رقماً مؤثراً في الناتج المحلي... ولكن مما يعانيه هو عدم توفير التدريب اللازم لاكتساب المهارات اللازمة، وهذا الدور يفترض أن تقوم به، وباهتمام بالغ، وزارة العمل، ومؤسسة التعليم الفني والتدريب المهني، بتوفير معاهد نسائية متخصصة، تقوم بالتدريب المتطور على كافة المهارات المختلفة، لضمان الإنتاج الأمثل، وليس للحصول على شهادة فحسب... فالشهادة هنا لا تقدم شيئاً، لأنها لن تبحث عن رب للعمل، وإنما عن عملاء محتملين!
هذا الإنتاج هو ليس مجرد بحث عن مصدر دخل لهذه الأسر، ولكن وجود أكثر من سبعمائة ألف أسرة منتجة مشاركة في الملتقى والمعرض الرابع بجدة، إنما هو دعم حقيقي للاقتصاد الوطني، لذا فهي تستحق منا تقديم برامج تدريبية متميزة في مجالات تصنيع الملابس والمفروشات والإكسسوارات والعطور ومختلف الأعمال اليدوية.