انطلاقاً من العدوان الإرهابي الآثم, الذي ضرب في العاصمة الفرنسية باريس قبل أيام فارطة, فإن عواصم أوروبية أخرى مرشحة لعمليات عمياء كهذه في المستقبل. عمليات إرهابية لا تفرق بين عدو أو صديق، ولا بين عسكري ومدني، ولا تستثن كبار السن والأطفال والنساء. الكل في المنهج التكفيري لهؤلاء الحمقى كفرة يجب قتلهم وذبحهم وسبي نسائهم.
- ألم يحذر (خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز) من هذا الخطر الداهم..؟!
- بلى.. قال وفعل حفظه الله ولكن.. كما قال الشاعر العربي:
بذلت لهم نُصحي بمنعرج اللِّوى
فلم يستبينوا النُّصح إلا ضُحى الغد
- وقع الذي توقعه (عبدالله بن عبدالعزيز)، وكان وسوف يكون الذي حذر منه وأنذر, في لقائه بمجموعة من سفراء عدة دول في الرياض في شهر أغسطس الفارط، وكان ذلك بُعيد مؤتمر جدة الشهير, الذي رعته المملكة العربية السعودية، وضم دولاً عربية وإسلامية وغربية، وانبثق عنه التحالف الدولي الذي يضرب اليوم (تنظيم داعش).
- في هذا اللقاء, دعا (خادم الحرمين الشريفين)- حفظه الله- المجتمع الدولي إلى ضرب المتطرفين بـ (القوة والعقل)، وبسرعة، لأنهم سيتمددون قريبا إلى أوروبا والولايات المتحدة.
- قال الملك عبدالله في كلمته تلك أمام سفراء الدول الأجنبية والعربية نصاً: (يجب محاربة هذا الشرير بالقوة وبالعقل وبالسرعة). ثم طلب من ضيوفه نقل هذه الرسالة إلى زعمائهم, مضيفاً في تأكيد من يعرف مآل الأمور ويدرك خفاياها: (إني أوصي إخواني وأصدقائي زعماءكم, أن يباشروا بتلبية هذا المسار المخصص للإرهاب بكل سرعة).
- وفي وقت سابق منذ أكثر من ثلاثة أعوام, دعا الملك عبدالله رعاه الله إلى إنشاء (مركز دولي لمكافحة الإرهاب)، ثم جددت المملكة الدعوة مؤخراً, وخصصت (100 مليون دولار) لتأسيس المركز.
- هل استطاع رسل الموت, إيصال الرسالة إلى قادة أوروبا وأميركا وغيرها من عواصم العوالم, التي تشهد ما يجري في منطقتنا العربية, من تفكيك همجي للبنى الفكرية لسكان هذه البقعة من العالم, باسم الإسلام الذي هو بريء من كل جاهل وأحمق يعادي العالم، بينما الإسلام دين حياة وحضارة وعمل وعبادة كذلك.
- من فجر وقتل في باريس, هو الذي فجر وقتل في نيويورك، وفي الرياض وفي شرورة وعرعر، وهو نفسه الذي يفجر ويقتل ويذبح في العراق، وفي سورية واليمن وليبيا، وقبل هذا في أفغانستان وفي الباكستان. التفجير واحد، والقتل واحد، والفاعل واحد، والدين واحد، وإن تعددت الوجوه وتنوعت الجنسيات. ما أشقى ملايين المسلمين في هذا العصر في شتى أقطار المعمورة، بما يجري ضد بني البشر من مسلمين وغير مسلمين، على أيدي قلة أوباش من بينهم، لا همّ لهم إلا تكفير البشر وسفك دمائهم، حتى لو كانوا ممن استضافوهم على أراضيهم، ومنحوهم هويتهم، وآمنوهم بعد خوف، وأشبعوهم بعد جوع، ثم يغدرون بهم باسم الإسلام وباسم المسلمين..!
- لا نستغرب هذا العقوق وهذا السفه, إذا تذكرنا فتاوى شيوخ القنوات من لندن, مثل أبي قتادة وأبي حمزة المصري, الذين كانوا يرددون على مسامع الجهلة من أتباعهم بأن: (عواصم الغرب بالنسبة لهم ليست أكثر من بيوت خلاء)..!! أكرمكم الله أيها العقلاء, ولا أكرم الفجرة هؤلاء..
- لا ننكر أن مصالح الغرب كانت وما زالت تدفعه لحبك المؤامرات وإيذاء العرب والمسلمين في أقطارهم، وإذا كان من الغربيين والأميركيين من هو خلف العدوان على نيويورك، والعدوان على باريس وخلافها، فهذا وارد، ولكن العقل يحتم علينا أن نسأل أنفسنا: من هم أدوات التنفيذ وأبطال هذه المهازل يا ترى..؟! هل هم من الأميركيين والفرنسيين والإسرائيليين، ومن ديانات مسيحية ويهودية..؟! أم هم من أبناء العرب والمسلمين..؟! ولماذا رضي هؤلاء الحمقى القيام بهذه الأدوار القذرة، التي شوهت الإسلام، وأضرت بالمسلمين..؟!
- في هذه الأجواء المشحونة بفعلنا قبل غيرنا, يبرز السؤال في كل مرة: ألسنا أمة مأزومة..؟! أمة تعيش لكي تموت, إرضاءً لمشيخات متطرفة وجاهلة، تظن أنها مرسلة من رب العباد لكل العباد.
- ما أصدق هذا (الصادق النيهوم), الذي قال في كتابه الشهير: (إسلام ضد الإسلام): (ما دام مجتمعنَـا يسمح لفقيه أمّي أن يحشرَ نفسَه بين العلماء, ويقول ما يشاء لمن يشاء باسم الله شخصيّاً، وما دام الطفل لا يستطيع أن يفعلَ شيئاً تجاه ما يسمعه من أساطير الفقه, سوى أن يطوّع نفسهُ للتعايش معها في الظلام، فلا مفرّ من وقوع كارثة، ولا مفرّ من أن يغرقَ مجتمعنَـا في موجة بعد موجة من خرّيجي المدارس، الذين تمّ تنويمهم من قبل أن يستيقظوا، وعهد إليهم بحمل مسؤولية الهدم والبناء, وهم عُزّل من كلّ سلاح, سوى سيف التعصّب الأعمى في أيدي ملايين العُميان).
- متى نصبح مسلمين مع المسلمين، في إسلام مع الإسلام..؟