ليس صحيحاً أن نتعب في منجز فني (مسرح، تشكيل، تصوير، نحت، موسيقى...)، وفي النهاية يكون مليئاً بالتشاؤم وعذابات الإنسان، أو يعطي صورة ضبابية عن الوطن، فهذا النوع من التعاطي مع الفنون لا نحتاجه، إذا ما عرفنا أن الفنون تصنّف في سياق (الترفيه والتسلية Entertainment)، وإذا ما عرفنا أن الوطن جزءٌ من كياننا يحتاج إلى التفاؤل والحب والسلام.
الفنون ليست عاكسة لحالة الإنسان، بقدر ما ينبغي أن تكون حالة فرح وجمال تعطيه معنى للحياة، مهما كان واقعه، فحينما يشرق جمال الفنون من حالات مؤلمة، يكون قد أضفى على الحياة جمالها وتفاؤلها ورفع درجة التحفيز لمئة سنة قادمة.
سب الآخر، ومقاطعته، وتحميله بلاوينا، لا يغيِّر من الواقع شيئاً، ويزداد الأمر سوءاً عندما تسير الفنون في هذا الاتجاه، وتكرّس معنى الانهزامية والإحباط والتشاؤم والسواد، ويزداد الأمر سوءاً عندما ينسحب ذلك على الوطن.
علينا أن نحب الحياة، فإذا أحببناها أحببنا الفنون الجميلة، وقدمناها بصورة متفائلة، وأصبح الوطن في صورة أجمل في عيوننا وفي عيون العالم، وإذا قدمنا فنوناً بصيغة متفائلة مسحنا الصورة السوداوية التي تعكسها الاتجاهات المتطرفة التي تحمل في بطاقتها وصف (سعودي).
الفنون لا تعني (الانحلال) كما هو قار في ذهن البعض، وإنما هي حالة جمال تعطي الإنسان معنى للحياة، وتعطي للوطن صورة مشرقة، وتمثّل له واجهة حضارية وترتقي بالسلوك وتجعل الإنسان أكثر إحساساً بالإنسان.
ليس بالضرورة أن يعكس الفن حالة مؤلمة لديك حتى تصفق له، بل الأجمل أن يخرجك مما أنت فيه من ألم إلى حالة جمالية تجدد حياتك وتعطيك نفحة (حياتية) تجعلك تحب العالم الذي أنت فيه.
ليس مهماً أن ينقلك الفن من حالة مؤلمة إلى حالة سعيدة، ولكن المهم أن ينقلك إلى حالة سعيدة في عالم مؤلم، لأن ألم الحياة مستمر، والفن أحد الحلول التي تجعل الحياة متفائلة، والوطن مشرقاً، والإنسان محفزاً على طول الخط.