في الدول التي لديها أسواق مال متطورة، تجد أن الشركة لديها خياران عندما تريد الإقتراض لتوسيع أنشطتها: إما اللجوء لأسواق الدين (عبر إصدار السندات أو الصكوك) أو الاستعانة بالقروض من المصارف. ولكن في السعودية فإن الشركات بشكل عام لديها خيار واحد ولا غيره، وهو طرق باب البنوك والتي بدورها تضع شروطاً قاسية لمصلحتها.
أرقام
وجرت العادة أن تجمع الشركات في الولايات المتحدة نحو 80 بالمئة من ديونها عبر السندات و20 بالمئة عبر القروض. وفي أوروبا بلغت هذه النسبة نحو 30 بالمئة للسندات و70 بالمئة للقروض.
أما في الخليج فيعتقد أن كفة الميزان تميل ناحية القروض نظراً لتأخر سوق السندات بالمنطقة نسبياً، ويبدو أن إقبال البنوك الخليجية على الإقراض زاد من ترجيح هذه الكفة على مدى السنة الأخيرة.
وتشير بيانات تومسون رويترز وفريمان للخدمات الاستشارية إلى تراجع إصدار السندات في الشروق الأوسط 16 بالمئة مقارنة به قبل عام إلى ما يعادل 22 مليار دولار في النصف الأول من 2014.
هم ونحن
كما هو معروف فإن البنوك الخليجية متحمسة لإقراض الشركات المدرجة والعملاقة، الأمر الذي أثر بطريقة مباشرة على تراجع إصدار سندات الشركات في المنطقة. فلم يعد لدى الشركات حافزاً يذكر لخوض الإجراءات المعقدة لإصدار السندات، في حين أن بإمكانها الحصول بسهولة على قرض من البنوك المحلية. ولكن فرصة الحصول على قروض لا تتوفر بصورة ميسرة للشركات متوسطة النمو. فعندما ننظر إلى التجربة الماليزية، نجد أنهم أوجدوا سوقاً أطلقوا عليها سندات وصكوك الخردة. وهي أدوات دين ذات مخاطر عالية وتصنيفات منخفضة. ولكن تلك الأوراق المالية صادرة من الشركات التي لم توافق البنوك على إقراضها وعليه وافق المستثمرون على تمويل أنشطتها عبر الصكوك والسندات.
تساؤلات
من نلوم من جهاتنا الحكومية على وهن سوق المال المحلية لدينا والذي أصبح مفتوحاً فقط للشركات العملاقة؟ لماذا لا توجد تشريعات تُسهل إجراءات إصدارات الصكوك؟ لماذا لا توجد وكالة تصنيف محلية؟ وإذا افترضنا -وهو الواقع- أننا لا نملك الخبرات المحلية المتبحرة في هذا النوع من أدوات الدخل الثابت، فلماذا لا نستعين بالخبرات الماليزية كما فعلت بعض الدول الخليجية؟ إن الخوف كل الخوف أن نتجاهل سلبياتنا ولا نعالجها، ولكن الطرف الذي سيدفع الثمن هي شركاتنا المحلية التي لن تستطيع الإقتراض من أجل توسيع أنشطها. الأمر الذي سينعكس سلباً على إمكانية خلق فرص وظيفية لمواطنينا.