قد يكون هدف «كفاءة استهلاك الطاقة» هو الدافع الأول لإلزام الشركات العاملة في مجال صناعة البتروكيماويات؛ الحديد؛ والإسمنت بمعايير ومتطلبات الكفاءة العالمية؛ إلا أنه يبقى الهدف الأبرز الذي يخفي في ثناياه أهداف أخرى أكثر أهمية للمواطنين.
الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبدالعزيز؛ رئيس اللجنة الفرعية للبرنامج الوطني لكفاءة الطاقة؛ أكد على أن المركز قام بإبلاغ جميع الشركات بمخاطبات رسمية تتضمن المعايير والإجراءات الواجب اتباعها والالتزام بها؛ وهي المعايير التي تم التوصل إليها من خلال مشاورات حثيثة بين البرنامج الوطني لكفاءة الطاقة والشركات الصناعية المعنية؛ إضافة إلى استشارة بيوت الخبرة العالمية المختصة في هذا المجال. امتداد المناقشات بين المركز والقطاع الصناعي لأكثر من عامين؛ والاتفاق المشترك على المعايير المدعمة باستشارات بيوت الخبرة؛ أزال عنصري المفاجأة والغرر؛ وحقق أسس العدالة المطلوب تحقيقها في القرارات المؤثرة على الإنتاجية والربحية يشكل عام.
الحزم في تنفيذ العقوبات والجزاءات على المخالفين، سيضمن التزام جميع المصانع القائمة وحديثة الإنشاء بمتطلبات كفاءة الطاقة؛ وبخاصة الشركات المساهمة التي قد تكون أكثر التزامًا بالمعايير خشية العقوبات المشددة؛ ومنها تعليق تداول السهم في سوق المال. الوصول إلى مستويات المؤشرات العالمية لكفاءة استهلاك الطاقة ستضمن بإذن الله الكفاءة التشغيلية التي سيكون لها انعكاسات إيجابية على سلامة البيئة الحاضنة؛ وصحة الإنسان.
تعتمد معايير ومتطلبات كفاءة الطاقة بشكل رئيس على تصميم المصنع المتحكم في جودة التشغيل؛ وتوافقه مع التقنيات الحديثة التي تساعد على خفض استهلاك الوقود واللقيم؛ وهو أمر قد لا يتحقق بالأدوات المتاحة حاليًا للمصانع المستهدفة؛ ما قد يفرض على الشركات المستهدفة تطوير منشآتها الصناعية؛ وعمليات التشغيل؛ وآليات العمل؛ وبما يحقق الكفاءة؛ وبالتالي خفض الانبعاثات الضارة؛ والمخاطر التي يمكن حدوثها لأسباب مرتبطة بقدم المصانع التي مر على تشييد بعضها ثلاثة عقود.
الانبعاثات والمخلفات الضارة الناتجة عن عمليات الإنتاج؛ وخطر التسرب الناتج عن قدم المصانع؛ أكثر ما يؤرق سكان المناطق الحاضنة لمصانع البتروكيماويات؛ الذين يعتقدون أنهم في خطر دائم لا يمكن التحوط له. معايير «كفاءة الطاقة» ستفرض على تلك المصانع التحديث القسري؛ والتخلص من خطوط الإنتاج البالية؛ والتصاميم القديمة التي تتسبب في زيادة استهلاك الطاقة؛ وترتفع فيها مخاطر الانبعاثات؛ وإمكانية التسرب.
إضافة إلى ذلك فمن المتوقع أن تلجأ بعض الشركات إلى دمج مصانعها المتناثرة؛ تحت ضغط ارتفاع التكاليف؛ في مصنع واحد يتصف بالكفاءة والجودة؛ وهذا بحد ذاته سيسهم بشكل كبير في تحقيق المعايير البيئية التي يبحث عنها السكان لعقود.
قد تفاجأ الشركات البتروكيماوية بنفقات غير مجدولة تؤثر على ربحيتها المستقبلية؛ وهذا أمر تتحمل مسؤوليته لعدم جديتها في التعامل مع متطلبات «كفاءة الطاقة» ومناقشاتها الماضية؛ غير أنها ستكون المستفيدة على المديين المتوسط والبعيد. فمعايير «كفاءة استهلاك الطاقة» سترغم الشركات على تبني مراجعة شاملة لخطوط الإنتاج؛ وبالتالي إحداث التغيير الأمثل الضامن لتطبيق المعايير الحديثة؛ ما قد يساعدها على تحقيق كفاءة التشغيل؛ وزيادة الإنتاج بتكلفة أقل؛ وبجودة عالية؛ إضافة إلى توفيرها فاتورة الطاقة المرتفعة. بعض شركات البتروكيماويات ربما اضطرت لاتخاذ القرار المؤلم بإيقافها بعض خطوط الإنتاج المتسببة في الهدر؛ التي لا تحقق ربحية جيدة؛ تحت ضغط المعايير الجديدة؛ فتجد لنفسها العذر الشرعي في اتخاذ القرار الذي لم تجرؤ على اتخاذه من قبل.
أزعم أن تحقيق معايير «كفاءة استهلاك الطاقة» في القطاع الصناعي بشكل عام؛ وقطاع البتروكيماويات بشكل خاص سيفضي إلى تحقيق أهداف أخرى إيجابية على مستوى صحة الإنسان وسلامة البيئة؛ وهما أكثر أهمية؛ وأعلى قيمة؛ وأولى بالاهتمام. «حماية البيئة» هي الغنيمة الكبرى المضافة إلى هدف «كفاءة الطاقة» المبارك الذي تسبب في إنبات الثمر المصاحب أينما حل أو ذكر؛ وكم كنت أتمنى أن تضم المعايير البيئية لمنظومة «كفاءة الطاقة» كي نضمن تطبيقها على الجميع؛ في مدة زمنية قصيرة؛ وحزم لا يسمح للمخالفين بالنجاة.