استرقت (السمع) كعادتي (الخنفشورية)، لمعرفة سرّ (المُباركات والتهاني) التي تنهال على أحد الزملاء، الذي اشترى (سيارة جديدة)، وبحكم (اللقافة الصحفية) أمطرته بأسئلة من نوع: بكم اشتريتها..؟ كاش وإلا أقساط؟.. الخ.
في اليوم التالي شعرت بأنني شخص مهم - على غير العادة - الجميع يُلبي طلباتي بسرعة، ولا أحد يعترض على ما أقول، فالكل يقول لي (صادر) وهي أخت (صادق)، اكتشفت أن صاحبنا قد (حكّ) بوابة منزله بالسيارة صباحاً، وبدأت الأنظار تتجه نحوي، وتتوجس مني خيفة!.
اكتشفت حينها أن أفضل - طريقة - تُجنِبُك لقافة (المشافيح) و(المطافيق) من الطفيليين المحيطين بك، وتكفيك (شر) نوادر هؤلاء التي لا تنتهي، لتعيش بأمان من تقلبات الزمان، هو أن يُشتهر عنك أنك (نضُول) وهو صاحب (العين الحارة)، وفي لغتنا الدارجة (نحوت)، ويُقال هو (الرجل المعّيان) أو (المرأة المعّيانه)، وهي (صفة الحسّود) التي رُبطت ظلماً وبهتاناً (بالطفارى) بيننا، وهم الأقل دخلاً وإمكانات، بينما الحقيقة أن من بين (الأثرياء) من يُدخل الرجل القَبر، والجمل الِقدر ..!.
على قدر ما كانت هذه الصفة (ذميمة)، إلا أن خوف ورهاب المجتمع، يجعلك تشعر (بهيبة)، فالكل يجتهد لخدمتك (رغباتك أوامر)، هنا استغليت الموقف، بنسج وتمرير المزيد من (القصص الخيالية)، التي تبرهن أنني أعاني من هذه (المُعضلة) منذ الصغر!.
لم أعد أسمع أسئلة من نوع (كم دخلك)؟ كم راتبك؟ هل بيتك ملك؟ شكل سيارتك (تأجير) منتهية بالتمليك، عندك (خدامة) إلى آخر هذه الأسئلة التي (تلوكها الألسن) من غير حاجه، خوفاً من إعادة طرحها على من سأل!.
المشكلة أنني لازلت حتى اليوم (أتساءل بخوف) من هو (النضُول الحقيقي) الذي (نضل) سيارة زميلنا؟! فأنا أعرف أنه (مجهول)، وربما أنه (يخافني) فعلاً، بينما الحقيقة أنني (أخاف) أن ينضلني، لأني (نضُول) !.
في مجتمعنا (الكُل) يخاف أن تُصيبه (عين الآخر)؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي.