استثار رحيل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله -رحمه الله- كثيراً من الكتاب والشعراء والرسامين، حتى ظهرت لنا مواهب متعددة لدى بعض المواطنين ممن جاشت مشاعرهم فكتبوا مقالات تأبينية في قائدهم الراحل تنضح ألماً، ونظم بعضهم شعراً ينتح حزناً. ولعل أبرزهم الرسام أحمد زهير الذي رسم لوحة جدارية في مدينة جدة كانت مترجمة لمشاعر الشعب السعودي الذي أوجعته وفاة الملك عبد الله، وقد استعار الرسام صورة حقيقية للراحل وهو متجهٌ لركوب السيارة، وكتب على الرسم مقطعاً من قصيدة رثاء للشاعر سليمان الصقعبي تقطر حزناً، يقول فيها (وين رايح؟! التفت سلّم علينا ما روينا من حنانك، ومنك والله ما اكتفينا)، وحقاً كانت الكلمات لا تقل روعة عن الرسم المعبر.
والحق أن مثل هذا الرسم ينبغي أن يحظى بالاهتمام، ويُشجَّع الموهوبون وتستثمر تلك الموهبة لرسم المزيد من اللوحات الوطنية التي توحد الشعب وتجمعهم وتزيد اللحمة الوطنية، فلا أحد يختلف على أهمية رسم صور الحرمين الشريفين وتزويدها بكلمات مؤثرة ونصبها بالميادين العامة، وكذلك رسم الزعماء والرموز المؤثرين والقادة وأصحاب الفكر والرأي من الساسة والمفكرين لتبقى صورهم وكلماتهم تُحدِث صدى على مر الزمن وتحفظ مآثرهم وإنجازاتهم.
إن مثل تلك الرسومات والكلمات الناطقة تعطي انطباعاً صادقاً عن الشخصية أكثر من الصور الفوتوغرافية الصامتة، ولا شك أن الرسمة المعبرة مع كلمات قليلة تبقى في الذهن ويرددها الأجيال ويحفظون الصورة التي عادة تكون ذات ارتباط وثيق بالفعل. ولعل فكرة وضع صور الملوك والرؤساء على النقود إحدى وسائل حفظ المآثر والإنجازات واعتراف بفضل تلك الشخصيات، ولا أحسب أن أحداً لا يعرف الملك عبد العزيز موحد هذا الكيان العظيم وكذلك الملوك بعده، بسبب الإصرار على وضع صورهم في الميادين وكذلك في جميع الوزارات والمكاتب الحكومية والشركات والمؤسسات الأهلية.
وحبذا لو تم الاتفاق بين الكتّاب والشعراء والرسامين على انتقاء عبارات مؤثرة ورسومات معبرة تحمل قيّماً عليا تجعل المرء يتوقف أمامها ويتأملها، فلعله يعدّل سلوكاً سلبياً أو يستحضر مجداً خالداً.
شكراً للرسام الوطني فقد جمعنا على رسمته الجميلة وأبكانا، ولعله يرسم أخرى ليسعدنا.