* لم تكن تلك الإصلاحات الإدارية التي لامست مسامع كل مواطن في الأيام الفائتة، وسعد بها والتي تعد امتدادا للإصلاحات في عهد الملك الراحل (عبد الله بن عبد العزيز) أقول: لم تكن هي الأولى من نوعها، ولن تكون الأخيرة في تاريخ وطننا الزاهي، فالأنظمة، واللوائح، والهياكل الإدارية تخضع بصفة مستمرة للمراجعة والتغيير، ومن طبيعة مؤسسات الدولة أن تنتهج منهج التأني والتروي، وتحري الدقة في مسيرة الإصلاح، خلافا لمؤسسات القطاع الخاص التي ربما يكون في التطوير أكثر سرعة ومرونة.
* قبل حوالي خمس وعشرين سنة صدر النظام الأساسي للحكم، وتلا ذلك تنظيمات إدارية وبرلمانية مصاحبة، قد تكون تلك المجالس واللجان التي ألغيت ودمجت في لجنتين رئيسيتين إحدى الأذرع القوية التي أسهمت في تنفيذ الكثير من الاستراتيجيات في مرحلة من تاريخ هذه البلاد.
* اليوم زالت دواعي تلك المجالس واللجان، وربما أن بعضها أصبح يقف عائقا أمام تنفيذ بعض المهام لبعض مؤسسات الدولة، كي تسير بسلاسة مطلقة، حيث تداخلت بعض المهام والصلاحيات مع مهام جهات تنفيذية أخرى.
* من واقع خبرة عملية فإن إلغاء بعض الكيانات،أو ودمج بعضها ليس بالأمر اليسير، فهو يحتاج إلى تخطيط سليم، وقوة إرادة في التنفيذ، وحسم سريع في بناء الهياكل.
* مع ذلك يفترض أن يكون باب الإصلاح والتطوير الإداري مفتوحا على مصراعيه ومستمرا كلما جدت الدواعي والمبررات، فهناك مؤسسات أخرى في الدولة تتشابه سياساتها، وأهدافها، وربما كان هناك الكثير من الازدواجيات في التنفيذ، ولنأخذ على سبيل التمثيل وزارة الحج، ووزارة الشؤون الإسلامية، والرئاسة العامة لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فمن وجهة نظري أنها لم تطلها يد الإصلاح والتطوير كغيرها، إذ لو التفتنا إليها بعيدا عن العواطف، لاستطعنا كشف ذلك التشابه في الأهداف، وفي الهياكل الإدارية، وفي موسم الحج دائما تكون الازدواجية ماثلة للعيان، فهناك مكاتب دعوة تابعة للشؤون الإسلامية، ومكاتب للتوجيه والإرشاد تابعة للرئاسة العامة لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأخرى تابعة للحج، وربما وجدنا ما هو تابع لهيئة كبار العلماء ويؤدي ذات المهام،والرسائل الدعوية.
* هناك مجالس المناطق والمحافظات التي تشرف على المشاريع التنموية في مكل مدينة، ومحافظة، وقرية، وتتابع الخدمات المقدمة للمواطنين، ومدى كفاءتها وجودتها، هناك ما يماثلها في المهام كذلك، فالمجالس البلدية التي تشرف عليها (وزارة الشوؤن البلدية والقروية) أنيط بها تلك المسؤوليات، إذن هذه المجالس جديرة أن نقف عليها بشيء من العقلانية والمنطق، ولننظر بتؤدة واستبصار، ما الذي يضيفه كل مجلس لوحدة، فالفرصة مواتية طالما أشرعت أبواب الإصلاح من جديد دراسة وضع هذه المجالس وإعادة تكوينها، لتكون خادمة لمسيرة التنمية في هذه البلاد، بدلا من أن تكون في بعض ممارساتها تسير باتجاه غير صحيح، تهدر فيها الأموال، وتستنزف الأوقات والجهود.
* والجهات الرقابية في المملكة العربية السعودية، كهيئة الرقابة، ومكافحة الفساد، وديوان المراقبة، والمباحث الإدارية هي الأخرى تحتاج إلى شيء من المعالجة في مهامها، وصلاحياتها، حتى لا تتشتت الجهود، ويضعف العطاء، وتكون الاتكالية، أوالتنصل من بعض المسؤوليات هي السائدة. فهل الوطن على موعد آخر مع الإصلاحات، لننتقل به من حال إلى حال أخرى أكثر تنظيما، وتكاملا في المهام، فالمصلحة العامة فوق كل اعتبار.