في قراءة سريعة لحزمة القرارات الملكية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - نجد أنها في مجملها تهدف إلى إحداث أثر كبير في إنهاض البلاد، رفاهية الشعب؛ ففي الجانب الأول هدفت القرارات الملكية إلى تغيير وتطوير الأداء في الجهاز الحكومي وإعادة هيكلة إدارة الدولة؛ وعلى الأخص في مراكز صناعة القرار ودراسته وطبخه وصياغته؛ كمجلس الوزراء، ومستشاري خادم الحرمين الشريفين، والمستشارين في الديوان الملكي، وإنشاء مجلس للشؤون السياسية والأمنية ومجلس للشؤون الاقتصادية والتنمية، وإلغاء اثني عشر مجلسا ولجنة، وتعيين رؤساء جدد لكل من هيئة مكافحة الفساد، وهيئة الخبراء بمجلس الوزراء، وهيئة الرقابة والتحقيق، ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وهيئة الطيران المدني، والمؤسسة العامة للموانئ، وهيئة الأمر بالمعروف، والسوق المالية، وأمين منطقة الرياض، ومساعد لرئيس مجلس الشورى.
والملاحظ هنا أن الأمر الملكي الكريم أنهى مجالس ولجانا لم يعد لها أي أثر في التطوير أو إضافة ما يمكن أن يقدم جديدا في الشأن الذي انبثقت من أجله؛ بل إنها قد أصبحت عبئاً إدارياً ومالياً وشكلاً بلا مضمون، وأغنى عنا المجلسان الجديدان اللذان صدر بهما أمر ملكي.
ويلحظ أيضاً في اختيار الوزراء ورؤساء الإدارات والمسؤولين الجدد التدقيق الشديد في المواصفات الذاتية والمهنية والإنتاجية، والميل إلى إدخال طاقات شابة جديدة إلى مجلس الوزراء؛ لتتضافر الخبرات القيادية والإدارية العتيقة مع دفق ماء الشباب وحيويته وتوثبه واندفاعه إلى التجديد، وتبين ذلك بصورة جلية - كمثال -في اختيار صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز وزيرا للدفاع ورئيسا للديوان الملكي ومستشارا لخادم الحرمين الشريفين، والأمير محمد من مواليد 1980م أي أنه يبلغ من العمر خمسة وثلاثين عاما، وهو الشأن نفسه في اختيار وزير الثقافة والإعلام د. عادل الطريفي الذي يماثله في العمر، ويجمع بين الثقافة الدينية والتراثية والقراءة العميقة في التيارات الفكرية المؤدلجة والتخصص العلمي في الفلسفة والعلوم السياسية بالإضافة إلى مزاولة العمل الإعلامي كاتباً ومهنياً ثم العمل التلفزيوني في قناة العربية.
كما أن من الواضح في اختيار الكفاءات التركيز على المستوى العلمي والخبرة المهنية والإنتاجية، وتمثل ذلك بصورة إجمالية في اختيار وزير التعليم د.عزام الدخيل، ووزير العدل د. وليد الصمعاني، ووزير الشؤون البلدية والقروية المهندس عبد اللطيف آل الشيخ، ووزير الشؤون الاجتماعية د. ماجد القصبي، ووزير الاتصالات وتقنية المعلومات د. محمد السويل، وزير الخدمة المدنية الأستاذ خالد العرج، ووزير الصحة الأستاذ.أحمد الخطيب، ووزير الزراعة الأستاذ عبد الرحمن الفضلي.
وهدفت القرارات أيضا إلى إعادة تدوير إدارات بعض المناطق؛ وبخاصة المناطق الكبرى؛ كمنطقة مكة المكرمة حيث أعيد إليها صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، ومنطقة الرياض حيث نقل إليها صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر، ومنطقة القصيم حيث عين أميرا لها صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن مشعل بن سعود الذي كان نائبا لأمير المنطقة.
أما في الجانب الثاني المتصل بتخفيف أعباء المعيشة وإشاعة الرفاه؛ فقد شمل كرم سلمان الخير شرائح عديدة من أبناء المملكة، وحظي الموظفون والمتقاعدون والطلاب في الداخل والخارج براتب شهرين، وإعانة شهرية للمعاقين وضم المنتظرين منهم، وصرف مكافأة شهرين لمستفيدي الضمان الاجتماعي وتعديل سلمهم، ودعم الأندية الأدبية والرياضية بعشرة ملايين لكل نادٍ، وتخصيص عشرين مليار ريال لإدخال الكهرباء والماء لمشروعات الإسكان.
ويتبين لنا من خلال عرض الخطوط العريضة أن رؤية الملك سلمان في التغيير تنطلق من: تحديث وتطوير الأداء الحكومي، وتخفيف أعباء المعيشة عن المواطنين.
وإن المستقبل القريب جدا لكفيل أيضا بما يؤكد هذه الرؤية وما يدعمهما من قرارات إصلاحية مهمة؛ لتكون سمات مميزة للعهد السلماني المبارك.