إن الخطوة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان - حفظه الله - في دمج وزارتي «التربية والتعليم» و»التعليم العالي» في وزارة واحدة وهي وزارة «التعليم»، هي من الخطوات الجريئة التي تضمنتها التغييرات الوزارية بعد تسلمه مقاليد الحكم، وتُعدُّ هذه الوزارة في شكلها الحالي من أضخم الوزارات تنظيمياً وإدارياً ومالياً، فهي تستحوذ على 217 مليار من ميزانية هذا العام، ما يعادل 25 في المئة من الميزانية، بالإضافة إلى مبلغ الـ»80 مليار» الذي تم تخصيصه منذ عدة أشهر في عهد المغفور له الملك عبد الله لإصلاح نظام التعليم العام.
إن هذه المسؤولية المهولة المثقلة بأعباء البيروقراطية الحكومية الملقاة على الوزير الجديد تطرح موجه من التساؤلات:
هل هذا الدمج سيؤدي إلى تحقيق الهدف الخاص بترشيد الإنفاق في قطاع التعليم والرفع من مستوى جودته وكفاءته؟ ولا سيما أن الهياكل التنظيمية في كلا القطاعين تعانيان من الترهل والتضخم نتيجة تمكن البيروقراطية الحكومية فيهما وما ينجم عن ذلك من هدر وسوء استخدام للموارد.
هل سيتبع هذا الدمج خطوات أخرى تهدف إلى استقلالية الجامعات كما هو متبع في الدول الأخرى، فالجامعات راعية الفكر والإبداع والتدخل البيروقراطي الحكومي فيها سيعيق حرية حرية الفكر والإبداع والابتكار، هي الآن أربع وعشرون جامعة حكومية والمركزية في صناعة القرارات الخاصة بها سيعيق من نموها وتطورها وازدهارها. إن التعليم الجامعي يقتضي أن تكون له استقلالية بعيدة عن البيروقراطية الحكومية التي يحتكم إليها التعليم العام ما يجعل كل جامعة تتنافس من أجل الرفع من مستواها الأكاديمي ومن مستوى مخرجاتها التعليمية، من خلال إتاحة الفرصة لها بوضع سياساتها التعليمية الخاصة بها.
ما مصير برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله للابتعاث للخارج؟ وما هي آلية الإشراف عليه مع ضخامة الأجهزة والملحقيات التعليمية التابعة للتعليم العالي سابقاً؟
ما هي الخطة التي ستنتهج من أجل تغيير الثقافة السائدة لدى إدارات التعليم وساهمت في تعثر مخرجات التعليم لدينا؟
كثرت التكهنات والتساؤلات في مآل التعليم بعد قرار الدمج ونتمنى أن يتكرم وزيرنا الجديد بشرح وتوضيح السياسة التعليمية في المملكة التي تم بموجبها دمج الوزارتين، نظراً لكثرة التساؤلات والتكهنات حول عملية الدمج وفي مدى تحقيقها لهدف العملية التعليمية، ومن المؤكد أن لدى الوزير عزام الدخيل خطة متكاملة تم على أساسها عملية الدمج، فهو مؤلف لكتب تهتم بالتعليم منها «كتاب المعلم» وكتاب «تعلومهم»، وله رؤيا تنويرية إصلاحية للعملية التعليمية.