ماذا بعد أيها المتأسلمون؟ إن الإسلام لا يعرفكم، لا يريدكم، هو منكم براء، أنتم لا تنتسبون إليه، بل إن الإِنسانية جميعها منكم براء، بكل أديانها وطوائفها ومللها. لقد نحرتم كل جميل على مقصلة عفنة ابتكرتها عقولكم التي نخر بها السوس، وصنعتها أيديكم التي تلطخت بدماء إخوانكم في الإنسانية.
لقد أصبحنا نشعر بالخجل أمام أطفالنا وهم حيارى مثقلون بأسئلة كثيرة، هل هؤلاء مسلمون؟ كيف يبيح لهم الإسلام فعل تلك المخازي والكوارث؟
لا يمر يوم في هذا العصر، عصر الإرهاب، إلا ويتسلل إلى آذاننا وعيوننا وجميع حواسنا أخبار عن تلك الكوارث المخالفة للضمير وللفطرة الإنسانية.
إن الكارثة التي حصلت منذ أيَّام نتيجة للهجوم الإرهابي على مدرسه تابعة للجيش الباكستاني في مدينة بيشاور الذي تبنته جماعة طالبان الباكستانية وأسفر عن مقتل 141 شخصاً بينهما 132 تلميذاً تتراوح أعمارهم من(10 - 18) عاماً، هي كارثة على الإِنسانية كلها، لقد عدّ الهجوم بأنه الأسوأ في تاريخ باكستان.
إن ما يهز الضمير الإِنساني هو الحرب التي تشنها تلك الجماعات على التعليم، ما ذنب هؤلاء الأطفال الآمنين في مدارسهم ينهلون من العلوم المعارف؟
بعد أن استفاق المجتمع الباكستاني من تلك الصدمة التي هزت كيانه، للدرجة التي أعادوا بها العمل بنظام الإعدام الذي ألغي منذ أعوام، رويت القصص من قبل بعض التلاميذ الناجين عن بطولات معلماتهم في المدرسة، وكيف ضحين بحياتهن في سبيل إنقاذ طلابهن. إحدى هذه القصص ما رواه عرفان أحمد (15) سنة، أحد الطلاب الناجين حيث يقول انه عندما اقتحم منفذو الهجوم الإرهابي فصل المعلمة حفصة أحمد تصدت لهم مباشرة وصرخت فيهم قائلة « لن تستطيعوا قتل طلابي إلا على جثتي»، لقد وقفت بين القاتلين وبين طلابها قائلة: «لا أستطيع رؤية طلابي غارقين في دمائهم على الأرض»، لقد استفزتهم شجاعتها فصبوا على جسدها البنزين وأضرموا فيه النار، لقد أحرقوها حية، وعندما كانت تحترق كانت تصرخ فينا تطالبنا بالهرب، وبهذا أفلت مجموعة من طلاب الصف من الموت وكنت واحداً منهم، لقد شعرت بالأنانية، إنها بطلتي.
بطلة أخرى من ضحايا طالبان، ضحايا الإرهاب، وضحايا العلم، إنها ملالا يوسف الحائزة على جائزة نوبل للسلام وتُعدُّ أصغر شخصية تفوز بالجائزة منذ إنشائها، لقد حاولوا اغتيالها وهي في عمر أربعة عشر عاماً بسبب نشاطها في المطالبة بحق الفتيات في التعليم في باكستان.
ماذا بعد، لقد أضرمتم النار في التعليم، تتعمدون قتلة! من أي تعاليم نهلتم ومن أي قرآن قرأتم، وقرآننا مصدره اللغوي كلمة «اقرأ» أول كلمة نزلت على رسول الرحمة والإِنسانية، فأين أنتم من القرآن والإسلام.