إن الإسلام بتوجيه نبي ربه, ورسوله, وإمامه، ومعلم البشرية - عليه الصلاة والسلام - نهى الدعاة والغزاة حين قام بالدعوة إليه ونشره بأن لا يحرقوا بيتاً, ولا يقطعوا شجرة، ولا يؤذوا صبياً، ولا يروعوا عجوزاً, ولا يقتلوا نفساً حرمها الله تعالى بغير حق، ولا يدمروا وادياً، ولا يفزعوا مسالماً.. ولا يقتحموا بيتاً.. ولا ينتهكوا عرضاً ولا.. ولا..!
والإسلام وضع المعاهدات والجزيات معادلاً راقياً, وعادلاً في التعامل مع المختلفين في العقيدة, وضابطاً للنفس, وموجهاً للعقل..
لكنه شدد على التعامل بين المتفقين عقيدة، فالمسلم للمسلم حصن، ودرع, والمسلم للمسلم أمنٌ وأمانٌ، وسِلمٌ، وخير.. له ما له من الحق, وعليه ما عليه من الواجب..
حتى في الحرب نهي المسلم أن يسرق، وأن يخدع, وأن يفحش, وأن يمثِّل بعدوه، فكيف بمن هو على ملته ودينه..؟
بل جعل بينهم حين التفريط أو الخطأ القصاصَ عضواً بعضو، وروحاً بروح إلا من عفا، أو اقتص, أو استبدل بدية.. وحث على العفو، وجعله خيراً لهم..
فما بال المتحاربين المختلفين أن ينتهكوا الأرواح، ويجزوا الرقاب، ويقضوا المضاجع, ويروعوا النفوس..؟
حتى في الغاب بين المفترسة من الحيوانات لا يحدث هذا الدمار, وإفناء الأرواح..
إن الإيمان يفضي إلى الخشية، وإلى التحسب من قليل خطأ، أو لمحة شك فيما لا يرضي الله أن يفعل من هذا الذي يحدث..!
فالإسلام لا يغتال في غفلة, ولا يقتل في عجز، ولا يعتدي بظلم، ولا يخطف في غرة.. ولا يلوك في أعراض, ولا أخلاق..
الإسلام يسالم مع المختلف، ويقارب بين الرؤى, ويضع الحلول، والبدائل, ويعظم شعائر الخالق في مسيرة الحياة، وعلاقات الأفراد..
فكم هي كثيرة هذه الانفلاتة باسم الإسلام, وكم هو الإسلام بريء ممن يدعي الذود عنه على هذا النحو من الاجتراء، والسفور، والعنوة, والغرور..
كم هي كبيرة هذه الاغتيالات للأرواح، سواء كانت أرواح مسلمين, أو غير مسلمين؛ فالروح لا يجتثها من جسدها إلا خالقها تعالى, وإلا فإنه ظلم وفساد كبير..
وإنهم لا يفقهون..
فكثيرة هذه الديمومة للشر الذي حل في دول مسلمة, وعاث بأهلها من أهلها فساداً, وتدميراً, وهتكاً، وتفريقاً, وتشتيتاً..
فاللهم الطف بالإسلام من مغبة المدعين، وظلامة الفاسدين، وحقد المارقين, واللهم أقمه سليماً معافى في صدور المسلمين، وأنر لهم الألباب، واحفظ عليهم المدارك، وأمدهم بنور هداك..
اللهم أعد لسوريا غوطتها بهيجة بزهورها, ولمصر استقراها، ولفلسطين أمانها، وللعراق وحدته وراحته، ولليمن سعادته وخضرته، وللبنان أمنها, ولدول المغرب العربي استقرارها, واخلف لمن فقد صبراً، ولمن ضاع هدى, ولمن مرض عافية، ولمن ضل نوراً، ولمن ظلم توبة, ولمن جهل وعياً, ولمن حار علماً، ولمن فرط ضابطاً, ولمن كذب على الإسلام خشية, وأنزل على الظالمين ما شئت من العقوبة، أو ما تشاء من التوبة..
واحفظنا والمسلمين في أمان.. آمين.. يا أمان الخلق كلهم..