أمران سأتحدث عنهما في هذا اليوم، أحدهما يخص المجتمع والمواطن بشكل عام، والآخر يخص الوزراء الجدد، أعانهم الله على أداء هذه المهمة الثقيلة بما يرضي الله وولي الأمر والمواطن..
نحن مجتمع مسلم ومتسامح، هذا ما نعرفه، وتربينا عليه، نقول شكرًا لمن أحسن، ونتجاوز عمن أخطأ، أو قصّر، ندعم من ينجز ونكافئه، ونقوِّم من يخطىء، أو نستبدله بمن هو خير، أما أن نحتفل ونتشفَّى في مواقع التواصل الاجتماعي بمن تم استبعادهم، ممن خدم الدولة، وممن عينهم ولي الأمر سابقاً، ودعمهم لآداء أعمالهم المناطة بهم على خير وجه، فهو يكشف عن سوء خلق، وقلة مروءة، وفجور في الخصومة!
إن ما حدث خلال الأسبوع الماضي من إقامة الحفلات، ونحر الجمال، وتسجيل المقاطع المسيئة، من قبل فئة محدودة، بسبب إعفاء من خدم الدولة من أي موقع كان، هو أمر مخجل ومعيب، يجب ألا يصدر من امرئ ذي فطرة سوية، لأن الطبيعي أن نشكر هؤلاء، الذين اجتهدوا، فمن اجتهد وأصاب فله أجران، ومن اجتهد وأخطأ فله أجر» بمعنى أن جميع من اجتهد مأجور وإن أخطأ، لأنه لم يجتهد بقصد الخطأ والإساءة، وإنما بنية حسنة وصادقة، فما يراه البعض إساءة، يراه غيرهم إحساناً وإنصافاً، وليس ثمة دليل أكثر وضوحاً وتعبيراً على ذلك مما رواه الراحل غازي القصيبي يرحمه الله، إذ قال بعد إعفائه من وزارة الصحة: بعد إعفائي من الصحة، كان هناك احتفالات في المستشفيات؛ احتفل الأطباء والممرضون وليس المرضى! (لكن المرضى والمواطنون بكوه كثيراً).
لذلك يجب على هؤلاء المحتفلين الهدوء والتروي، والنظر إلى الأمر من زوايا عدة، وليس من زاوية المنافع والمصالح الشخصية، خاصة إذا كانوا يؤمنون بأنهم جزء من المجتمع، وأن المجتمع جزء منهم، ولا يوجد عداء وترصد بينهما، وأن دورهم وظيفي فحسب، يعاقبون عليه عند تقصيرهم، وإساءتهم للآخرين!
الأمر الآخر، هو الوزراء الجدد، الذين استلموا مهام وزارات خدمية مهمة، وقد جاءوا من جهات أقل نفوذاً، وكيف عليهم أن يتعاملوا بتواضع مع المواطنين من جهة، ومع الموظفين في وزاراتهم من جهة أخرى، وأن يدركوا جيداً أن المنصب تكليف وليس تشريفاً، وهو مسؤولية عظيمة أمام الله سبحانه أولاً، ثم أمام ولي الأمر والمواطنين ثانياً، على وزرائنا الجدد، أن يدركوا أن المنصب لا يدوم، وكما جاء لهم من بعد غيرهم، سيؤول إلى سواهم، فلا حاجة إلى أن يبالغوا في مظاهر خروجهم ودخولهم، كأن يسير الواحد منهم محاطاً بجمهرة من موظفيه، ولا أن يترفعوا، ولا يتعالوا على المواطن، ففي كثير من دول العالم يعيش الوزراء بشكل طبيعي مع الناس، يختلطون بهم، ويسمعون منهم، بل أن أحدهم استغل إجازته بقيادة سيارة أجرة، كي يسمع من المواطنين الذين ينقلهم في مشاويرهم، بحثا عن الخطأ، فقد قال الفاروق رضي الله عنه: رحم الله امرئ أهدى إليَّ عيوبي.
فهؤلاء الوزراء الجدد، وضعهم ولي الأمر من أجل خدمة المواطن، وكما وجههم الملك سلمان، حفظه الله، بتكثيف جهودهم، ووضع مصلحة الوطن والمواطنين في مقدم أولوياتهم، ومواصلة العمل نحو تحقيق المزيد من تطلعات المواطنين، بالوقوف على مختلف الحاجات والمتطلبات، وسرعة ومرونة إنجازها.